سنة النشر : 21/03/2009 الصحيفة : اليوم
.. لما وصلتُ قاعة المؤتمرات صباح الأربعاءَ الماضي في نادي الضباط في أبوظبي، والمقام به مؤتمر «أكسس» لمعالجات خدمات الإعاقة.. كان اسمي يدور في القاعة.. أين نجيب الزامل؟ وقد فاتني الافتتاحُ بغلطةٍ غير مقصودةٍ في خطأ ببرنامج المؤتمر الذي سلمني إياه المنسق عبدالله الحوسني..
وكان الافتتاحً باهراً منسَّقاً حضرَه حشدٌ كبيرٌ كما علِمتُ ذاك الصباح.. وفجأة تحلق حولي مجموعةٌ من الشبابِ والشابات الظبيانيين والعرب والأجانب: «أنت نجيب الزامل، كنا نبحث عنك؟» ( وابتسمتُ في داخلي على هذه الشعبية غير المتوقعّة) على أني سرعان ما عرفتُ أن روَجان اسمي وتحلـُّق الفتيةِ والفتيات حولي ليس من أجل شعبيتي الموهومة، ولكن لأن «مهند أبو دية»، نجمَ الاحتفال، كان قد ارتجل كلمة، فاتتني للأسف، وقدم التحية لي مشفوعةً بما لا أستحق.. لذا كان البحثُ عني على قدمٍ وساق. فالشعبيةُ إذن شعبيةُ مهند، وما نطق به مهند فدار في أرجاءِ القاعات.
أصرّت مجموعة الشباب على أن يعزمونني على الفطور، وصاحَبهم صحفيٌ وصحفيةٌ مع الكاميرات.. همم! سألتني الفتاة الباكستانية «سهيلة» بعربيّةٍ لا غُبارَ عليها: «تتبعتُ سيرة مهند، ورأيت أنكما متواجدان معا في أكثر من مناسبة فما سر هذه العلاقة؟ هل نذرتَ نفسَك لمهند؟
وأجبتها: «لا. أولا، لا يجب على إنسانٍ أن يفني ذاتـَه من أجل هدفٍ واحد، طالما بإمكانه انجاز عدد من الأهداف.وثانياً، لأن مهند لا يحتاج مني ولا من غيري أن ينذر شيئاً من أجله، فمهندُ هو من أقوى الأشخاص الذين قابلتهم في كل حياتي، ومن أجملهم إيمانا، ومن أقواهم تفاؤلاً، إنه في هذه الحِقـْبة من حقبة التشاؤم العربي أقدمه بكل ثقةٍ وحبٍّ وإعجابٍ كنجم التفاؤل الأول في الوطن العربي المُثخّن بجلد الذاتِ وقرع طبول التشاؤم.. مهند هو التفاؤلُ جُسِّدَ بشرا.
وسألني الشابُ «عواض» إن كنتُ مصرا على اشهارِ مهند، إلى أن أضعه على الساحةِ الدولية؟ وقلتُ له: «إن قال لكم أحد ذلك، أو سمعتموه من مهند، أو أي أحد، فهو الخطأ الصريح، والأسباب أصرح من أن تتطلب إثباتا، فأنا لا أملك منصة دولية، ومنصَّتي المحلية ضيقة وصغيرة ولا تكاد تسعني أنا.. الحقيقة، وإن فضحتُ نفسي، وليسامحني الله، ولتسامحوني، فأنا الذي اركبُ على منّصةِ مهند، مهند هو المؤهَّل ليبزُغَ نجماً دوليا بموهبته، بعبقريته، باختراعاتِهِ، بجـَلـَدِه، بصبره، بإيمانه، بتعلقه بالله في السموات، وهو يجزم أن اللهَ يمدّ له العونَ وراء العون.. وهو يملك اثباتاً على ذلك، فيمضى مطمئناً واثقاً سعيداً ومُنجـِزاً.. ولولا خوفي، لقلت أنه يلاحق مواكبَ الأساطير.. ولكنه ولدٌ بسيطٌ أحبّ اللهَ فأحبه اللهُ، وجزم اعتقاداً بكرم الله عليه، فأكرمه فوق تصور البشر.
أترون يا شباب ويا بنات من القدوة؟ قالوا بصوت واحد: مهند. من البطل؟ وتجاوبوا بصوتٍ واحد: مهند. ومن القدوةِ لكل شابٍّ وشابةٍ؟ واتحدّ الصوتُ: مُهند.. مُهنّد.. - طيب.. وأنا؟ طالعني الشبابُ والشاباتُ.. وابتسموا، واكتفوا بشرب قهوتهم!.