لقد حزنتُ على ظهور أفلام تدعى سعودية مثل «كيف الحال»، و»مناحي»، بما فيها من.. ( وراح يعد كثيراً من الصفات التى لا أراني مضطرا لسردها، ولكنكم ستتخيلون نوعها)، وإني استنهضُ غيرتـَك الإسلامية بأن تسخـّر قلمَك للدعوة إلى مقاطعة هذه الأفلام.. « من: مسلم غيور.
لي رأيٌ سبق أن طرحته في أكثر من مقامٍ عن السينما وعن المقاطعة..
أنا ضد المقاطعة السلبية، أي أن تقاطع بعدم الفعلِ ثم تجلس في بيتك وتقتنع وترضى بأنك أديتَ عملاً لدينك أو مجتمعك أو لبلدِك.. فالسلبيةُ تتمخضُ عن وليدٍ واحدٍ، وهو السلبية.
تسمع عن حملاتٍ لمقاطعة مقاهٍ أو مطاعم عالميةٍ لأنها متضافرة مع اسرائيل، أو لأنها أساءت بشكلٍ من الأشكال لديننا أو لنا أو لبلادنا، ثم ماذا؟ لا شيء! لأن السلبية لا تغير حالاً فينا، وقد تؤثر على المقاطـَعين وقد لا تؤثر بذاك المقدار.. والصحيحُ هو الموقفُ الإيجابي ضد هذه المطاعم والمقاهي، بتأسيس مقاهٍ ومطاعم مثلها أو أحسن..
وهنا تمسي المقاطعةُ دافعاً لتأسيس أعمالٍ جديدةٍ ووظائف جديدة، وصار للناس الخيار بالمقاهي الوطنية أو الأجنبية، ومتى كان المقهى المحلـِّي جيدا وعصريا ومبتكـراً، فلا أجد سبباً واحداً يجعل مواطناً سعوديا يفضل الأجنبيَ على الوطني..
وظهرتْ في الآونةِ الأخيرةِ مقاهٍ إما من شبابٍ تضافروا واستغلوا المقاطعة إيجابيا فنجحوا، وأبدعوا، أو من شركاتٍ وطنيةٍ فتحتْ مقاهي في غاية الأناقةِ والعصريةِ والعملية، وأضافوا عليها ابتكاراتٍ من أنواع الشرب والمآكل السعودية وسجلوا في مرمى المقاهي الأجنبية أهدافا حاسمة.. وهنا أقف لهذا النوع من المقاطعةِ احتراماً.. ولي زمنٌ لم أعد أذهب لمقهىً بماركةٍ أجنبية وأتردد على مقهي سعودي، وأراه يتطور يوما بعد يوم.
وفي السينما ستبقى الأفلامُ التي نرى أنها لا تمثلنا، ولا تعزّز قيمَنا ومبادئنا العليا.. ومهما قاطعنا فلن ينفع، بل ستزدهرُ شئنا أم لم نشأ.. والصحيحُ هو العمل الإيجابي، بأن لا تُترك الساحةُ للاعبٍ وحيدٍ يصول بها كما يشاء ثم نتضايق أنه يبرز.. لماذا لا تكون هناك سينما سعودية مبنية على روائع القصص الدينية، وتوظيف الدين في الفلم بلا مباشرةٍ بل بإسقاطاتٍ درامية، وستكون أكبر وسيلةٍ دعوية لهذا الدين في التاريخ..
ويمكن أن نطرح قضايانا على العالم ونكسب الرأيَ العالمي لأن المناورة السياسية ضيقة ومحصورة ومحسومة ضدنا للأسف مع العدو الصهيوني.. تصور كم من مآسٍ يمكن تصويرها أفلاماً إنسانية بالغة التأثير عن مذابح الجيش الإسرائيلي في غزّة، وسنكسبُ قلوبَ ملايين الملايين من البشر.. لكننا بمواقفنا المتشددة خسرنا أكبر آلةٍ إعلامية مؤثرةٍ على وجه الأرض، وتركنا الميدان كاملاً لأفلامٍ يدعمها اليهودُ، أو أفلام نضرّ نحن أنفسَنا بها قبل أن يضرّنا الآخرون..
تصوروا لو اكتفينا بالمعارضة ضدّ اللاقطِ الفضائي، فهل كانت ستظهر عندنا قنواتٌ كالمجدِ والرسالةِ والهدى وغيرها من القنوات التي تمثلُ فكراً إسلامياً وتسحب البساط من كثيرٍ من قنوات السطحيةِ والسفاهة؟.
إنه عصرٌ جديدٌ بأدواتٍ جديدة.. والمسلمون استخدموا أدوات كل عصر للسيادة والدعوة والفتوح.. فما الذي يجعل هذا العصرَ مختلفا، متى ما آمنا بالبديهةِ بأن لكل وسيلة حدّين.. فهل يُعقل أن نترك الحدّ النافعَ مغلولاً، ونفتح للحدِّ الضارِّ كلَّ الفرص، ثم نشكو ونقاطع الضرر؟!.
"من يرى إلهامًا في أي شيء، فإنه يملكه" محبكم: نجيب