الغرفة التجارية

سنة النشر : 28/01/2009 الصحيفة : اليوم

 
.. يقول المثلُ الصينيُ : «الرجلُ الصالحُ هو الذي يفيدُ من لا يستفيد منه».
 
الغرفة التجارية بالشرقيةِ التفتت للمنهاج الاجتماعي والنشاط الإنساني، وقدمت الكثير، وكم من الناشطين الاجتماعيين حثوني على أن أتذكر هذا الموضوع، لِمَا قدّمته لهم الغرفة من تسهيلاتٍ تطوعاً.
 
فالغرفةُ مجموعةٌ من التجار، وهم هدفٌ سهلٌ وممتليءٌ لمن يريد أن يرمي حجارةَ النقد كيفما اتفق، فلطالما أثارت التجارةُ والمالُ الحجرَ والغبار، وهذا لأن العجلة التي تتحرك تتطايرُ وراءها وعليها الأحجارُ.
 
وأنا أنتمي للغرفةِ، وتربطني بمن يقوم عليها صداقاتٌ عميقة.. وهذا لم يمنعني من أن أوجه لهم لومَ المحبِّ، ولم يمنعهم من أن يوجهوا إلي عتابَ المحبّ.. ولومي لهم أحيانا، لسببين: لأنهم، هم، من نتوقع منهم المساهمة الكريمة، والفلسفة الواقعية في إنماءِ المجتمع.
 
ولأنهم هدفٌ كما يقول الأجانب مثل البطةِ الوادعة والتجارُ يعرفون أن بناءَ سمعةٍ جيدةٍ تستغرقُ أعواماً، وقد تضيعُ في هبّة ريح، وهذا سببُ حرصي لهم وعليهم .. فهم في النهاية من المجتمع.
 
وتوجت الغرفةُ ما تقدّمه من خدماتٍ للجهات التطوعية الأهلية والرسمية بتنظيم وإقامة «فعاليات ملتقى العمل التطوعي»، الذي افتتح برعاية سمو أمير المنطقة يوم أمس، ويستمرّ اليوم.
 
وإقامةُ فعالياتٍ مثل هذه ليست من الأعمال المُيَّسرة السهلة، إنها تأكلُ الوقتَ والجهدَ والمالَ، واسأل واحداً مثلي عانى منه الشبابُ القيَّمون على المؤتمر كثيراً، في ملاحقتِهِ من أجل التنسيق معه، وملاحقته من أجل أن يرسل إليهم مادةَ موضوعِهِ التي ستـُعرض على شاشةِ العرض.. وملاحقته من أجل تذكيره بأن يحضرَ في الوقتِ والموعد.. شيءٌ تنظيميٌ تنسيقي لا يُقاس ببقيةِ تلـّة الأعمال.
 
جاء التفاتُ الغرفة للأعمال التطوعية كلفتةٍ انسانيةٍ، لتثبت أن العملَ التجاريَّ إنسانيٌّ قبل أن يكون شيئاً آخر، وعندما تخلو الأعمالُ من الإنسانيةِ فهي لا تنتمي للتجارةِ ولا أخلاق التجارة، وكل عضوٍ من العاملين من رجال الأعمال العاملين في الغرفة، فوق ما تقدمه الغرفة بصفتها، لهم أعمالُ خيرٍ ومشاريع اجتماعية يتفاخرون بها.. وهنا، واللهِ، يحقُّ الفخر.
 
عندما شدّ الأخُ عبد العزيز التركي ذراعي متحمساً، وأنا أمازحه حول الأوضاع الماليةِ المحليةِ والعالميةِ، قال : «أحلف باللهِ، لم يعد يهمني لا التجارة ولا الأعمال، فكل ما يهمني هو المشاريع والجمعيات الإنسانية التي أعتبر نفسي محظوظا جداً بالمشاركة في تأسيسها وإدارتها.. «، ولم أرَ في عينيه إلا لمعاتِ صدق العاطفة.
 
هذا ما يريده المجتمعُ من التجار وأصحاب الأموال، أن يتوجهوا لمجتمعهم، ويبثوا المال والخبرة والطاقة في ميادين الحاجات الإنسانية التي يحتاجها المجتمعُ والأفراد..
 
وهم عندما يقومون بذلك نفرح لهم بثروتهم وأعمالهم، وندعو لهم بالزيادةِ والبركة.. هذا فقط في الدنيا، وفي الآخرةِ «الملتقى» الحقيقي.