الترجي
سنة النشر : 05/11/2008
الصحيفة : اليوم
*العينانُ نافذتا الروح. - تولستوي في «آنا كارنينا.» .. سلمان محمد الجشـِّي، عضو الغرفةِ التجارية بالمنطقةِ الشرقية ورئيسُ لجنةِ القطاع الصناعي بالغرفة،. فهل نسميه صفة برجل الأعمال؟
ساهم سلمانُ يوماً في أن تحصل منطقته الأم القطيف، بمقر ناديها المعروف،»نادي الترجي» على اتفاق مع صندوق المئوية، وهو الصندوقُ الرسمي الذي يشجع المبادراتِ العملية الصغيرة، وبناءَ الروح العصاميةِ، وقتها قال عنه الشيخ حسن الصفار: «لولا مبادرته- أي سلمان- واهتمامه وتبنيه للفكرةِ لما رأتْ النورَ في منطقتنا..».
بالضبط! المبادرةُ هي أهم مفاتيح شخصية سلمان الجشـِّي الرجل الذي نختاره اليوم بثقة لأن يكون شخصية الشهر، فبتجاربي بالعمل الاجتماعي أمدّني اللهُ بمعرفةِ ناس كثيرين، وفيهم من الخير الكثير.. على أن الجشي يتقدم خطواتٍ، لأنه هو الذي يبادر دوماً في الاتصال.. ما كتبتُ لأمرٍ خيري إلا والجشّي على الطرفِ الآخر، لا يعرض مساعدتـَهُ كما يفعل بقيةُ الخلقِ الطيِّبين، بل إنه بالكاد يلقي عليك تحية السلام متابعا بنفَسٍ واحدٍ: «لقد أثـّر بي هذا الموضوع.. يالله نبدأ!»، إنه لا يترك لك الخيارَ إلا بالبدء..
أعرفُ عندما أكتب عن بعض الأعمال أني سأقيد نفسي إن هاتفني الجشـِّي، فهو يأخذ هذه الأمورَ في منتهى الحماسةِ والجديةِ.. في كلِّ شأنٍ وفي كلِّ موضوعٍ، ولكل إنسان. لذا أحتار بتسمية الرجلِ صِفةً، هل هو رجلُ أعمال؟ ولكني محسوبٌ على هذه الفئةِ بشكلٍ ما، وهو رجلُ أعمالٍ فائر النشاط، ولا أتذكر أنه يوما كلمني في أمرٍ عملي يخصه، بل لم يكلمني في أمرٍ عملي على الإطلاق.
كثيرٌ من رجال الأعمال يحاولون أن يوصلوا رسالة لبناةِ القرارات لصالح قطاع أنشطتهم عن طريق منصّاتِ الكُتـّابِ، وهذا أمر ٌمنطقيٌ ومقبول، ولكن الجشـِّي أبداً.. لم يدُرْ بيننا حديثٌ غير العمل الإنساني.. لذا فهل نسميه صفةً بالمُحسِن الاجتماعي؟ والجشـِّي رجلُ علاقاتٍ من الطرازِ الرّاقي، فهو موجودٌ مع الناس في مناسباتِهم، في أفراحهم وفي أتراحهم، وتجدهُ دائما يتنقلُ من بيتٍ إلى آخر، ومن مدينةٍ إلى أخرى، فهو لا يفوته الإندماجُ الفعّالُ مع الآخرين.. فيُلزم نفسَهُ إلزاما.
وجدته عند بيوتٍ معروفةٍ، ووجدته عند بيوتٍ لا يعرفها أحد. فهل نسميهِ صفةً بالرجل الاجتماعي؟ أولُ مرّةٍ رأيتُ بها سلمانَ الجشـِّي شخصياً، كان في محفلٍ ثقافي صِرف، لم يكن هناك رجلُ أعمالٍ واحد، بل ولا رجل عادي، حتى أنا كنتُ – بصراحة- من المجرورين جرّا لتلك المناسبة، على أن القاعة امتلأت، وفجأة رأيتُ طيفَ قامةٍ رهيفةٍ، وحسبتُ أنه الجشـِّي، واستبعدتُ الأمرَ تماماً نافِضاً كتِفَي..
ولما أدار الوجهَ رايتُ ملامحَه التي هي دوما في حالة دهشةٍ طيّبةٍ، وتـُشِعّ عيناه وهما دوماً في مهمةِ بحثٍ لا تستقران، ولو كنتُ من موصِّفِي إدارة الأحوالِ لوضعتُ علامته الفارقة: «عينان دائريتان تبحثان».
في عينيه تكمن روحُ الجشـِّي، فهما نافذته التي تطل على روحه المتطلعة للتحقق بدقة عن مصادر الأمور.. بعدها لم أعد استغربُ أن يكون سلمانُ الجشـِّي مثقفاً فاعلاً ونشِطاً وكأنه لم يُطِلُّ على متجرٍ بحياتِه.
فهل نسميه صفةً الرجلَ المثقف؟ حين أكتبُ عن شأنٍ اجتماعي وأطلبُ فيه المساعدة ليرى النورَ، صرت أكتبُ وأنا أتوقع مكالمة الجشي، فابتسم وكأني أقفز وأنا أعلم أن هناك شبكةَ نجاةٍ ستلتقطني..
لذا أعودُ إلى الصفةِ الحقيقيةِ والجامعةِ تحت مظلتها الصفات السابقة: سلمان الجشي، الرجلُ المبادِر!