هاته الفتيات
سنة النشر : 23/08/2008
الصحيفة : اليوم
هذه الرسالة أنقلها كما جاءت لي، وودت لو انفلقت الأرضُ وبلعتني، إحراجا أمام البنات اللاتي وثقن بي، وسمعن لطلبي، فخذلتهن، لأن بعض أصدقائي من رؤساء الجامعات خذلوني.. كيف؟ اقرأوا الرسالة ثم نعود معا..
«المكرم الأخ الكريم والكاتب المحترم نجيب الزامل - حفظه الله
تحية طيبة:
نحن المجموعة من خريجات الثانوية لهذا العام 1428هـ-1429هـ واللاتي كتبن لك قبل فترة نخبرك إنه لم يتم قبولنا في الكليات الطبية بجامعة الملك فيصل بالدمام بسبب التمييز بيننا وبين الطلاب في نسب القبول وكذلك لم يتم قبولنا في أقسام كلية الهندسة لأنها تطلب نسبا مرتفعة مثل الكليات الطبية فأضطررنا للدخول في كلية الدراسات التطبيقية وخدمة المجتمع وكما لايخفى على الجميع فإن الدراسة في هذه الكلية برسوم رغم انها تابعة لجامعة الملك فيصل بالدمام وفيها نفس تخصصات العلوم الإدارية في مختلف جامعات المملكة الحكومية إلا ان الاختلاف بينها هو ان كليات العلوم الإدارية في مختلف مناطق المملكة الدراسة فيها مجاناً وتصرف للطلاب والطالبات مكافأة (فنرجو منك هذه المرة أن لاتخيب أملنا فيك كالمرة السابقة عندما وعدتنا بمناقشة المسئوولين عن مشكلة التمييز في القبول بين الطلاب والطالبات) نرجوك رجاءً حاراً هذه المرة أن تكتب في زاويتك وتوصل بقلمك إلى المسئوولين فقضيتنا التي هي قضية كل طالب وطالبة أمنيتهما الحصول على الشهادة الجامعية والدراسة في هذه الكلية مجاناً مع مكافأة شهرية أسوة بغيرنا من طلاب الكليات الإدارية في مختلف مناطق المملكة. أملنا بالله ثم بقلمك الكبير حيث تعرف قسوة الظروف المعيشية التي يمر بها الناس وليس بمقدور كل ولي أمر أن يتمكن من تسديد رسوم الجامعة وتحمل أعباء الدراسة.»
يا الله، هل أخطأت عليهن؟ هل كان بالإمكان أن افعل شيئا، وفشلت. عرضتهن للخيبة. كنت أحاول، ودائما هذا ما أفعل، ألا أفقد الشباب، ولا أتركهم للغضب حتى لا ييأسوا منـّا فيفقدوا حبهم لنا ولبلدهم، وهم بالنسبة لنا ولبلدنا كل شيء.. ولكن مسلسل الإخفاق معهم يستمر.. بلا سبب منطقي مقبول..
انظروا إلى صغيراتنا وهن يقلن لي (الأخ) تأدبا خوفا أن يحرجنني لو قلن لي العم أو الأب، مع أنهن بناتي بالفعل، فكل بنات هذا البلد وأولاده إنما هم منا ولنا.. وانظر إلى تأدبهن باللومِ الممضِّ الحزين، ومستقبلهن يمر أمامهن سرابا بسببنا نحن الجيل الذي تعلمنا براحتنا، وعملنا بأجمل الوظائف براحتنا.. ثم لما جاء دورنا نسيناهن.. اعلموا جميعا إنني لم أخفق وحيدا، فمع اعترافي بفشلي، خيبني بعض من أصدقائي مسئولي الجامعات الذين حاولت الاتصال بهم اما لنقل المشكلة ومناقشتها معهم، أو بمن حاولت الاتصال بهم طلبا للرأي.. بل ان صديقا لي ومدير جامعة أهلية لم يبادر حتى برد مكالماتي ولا رسائلي.. فكدت أحطم هذا الجوالَ الذي وُضِع أصلا للتواصل.. فهل أصابهم دوخانُ السلطة، لا بارك اللهُ بهذا الدوخان، ثم يظهرون علينا بكل الفضائل.. وأنا أتساءل لم يحجرون أنفسهم عن الناس؟ وكان كل قصدي ألا ترتفع هذه الشكوى للصحف وأن أحاول أن تكون مشكلة تعالج بيننا كما أحب أن تكون الأمورُ في صحتها، وكما وجهنا الإسلامُ أولاً في التناصح وتبادل الرأيَ البيني.. ولكن لم تفلح جهودي. طبعا لم يبق إلا أن أطرق عليهم أبواب بيوتهم، وهذا ما لن يفعله شخص يحترم الحياة الخاصة، رغم أي شيء..
قد يكون لكل منهم عذر ونحن نلومُ، وهذا ما كنت من كل قلبي أود سماعه منهم لنقله للبنات اللاتي وضعن ثقتهن بي فخذلتهن.. والبعض يظن أنه حين يتجاهل الناس بعدم الوصول إليه بالهاتف إنما دليل على الأهمية .. لا يا صاحبي لا.. لن تكون مهما أبدا بمنصبك مهما كان.. إلا متى أحبك الناس واحترموك.. حينها تكون مهماً حقا!
والآن.. قولوا لي ما أعمل مع هاته الفتيات؟ آه، وجدتُ الحلّ:
سأغلق هاتفي، وبريدي..
مع السلامة!