الدمامي الصغير

سنة النشر : 26/07/2008 الصحيفة : اليوم

 
.. هذه الرسالة يجب أن تنشر، ولم أتدخل إلا في تعديل لغة الكتابة مع أن معانيها من أجمل ما وصلني وأرقه.. وأكثره حكمة:
 
«عمي نجيب:
 
أنا في المستشفى بالخارج ( وأرجو ألا تعلن اسمي إن أردت أن تنشر خطابي لك) ، وأعاني من مرضٍ الأطباء يقولون إنه مرض «عضال»، وأرجو يا عمي ألا تضحك من كلمة عضال، لأنها في الحقيقة أضحكتني.. أول مرة أسمع كلمة عضال، لا وأسمعها من طبيب عربي في الدولة الأوروبية التي أتلقى بها الآن العلاج.
 
أمي وأبي معي دائما وإخوتي الصغار ( ولد وبنت لم يدخلا بعد المدرسة، وأنا عمري «يمكن» سبع عشرة سنة. ) وأحرص أن أقرأ لك، لأني متفائل، وأنت تشجعني على ذلك.. ووالدتي وأبي وأنا حفظنا غيبا مقالا لك اسمه (صديقي المرض) وفعلا كما قلتَ فإني أرى أن للمرض أنوارا.
 
أنا لم أكتب إليك لأشكي حالي، فأنا متوكل على الله في كل شيء، وأعتقد أني سعيدٌ جدا ولله الحمد، ولكن أحيانا أنقبض لما أرى الفرق بيننا وبين الناس في الدول المتقدمة. وأمس بالذات كنت أقول لوالديَِ عن إعجابي الشديد بالأولاد والبنات الذين يأتون كل عطلة أسبوع وبعطل المدارس ليعملوا تطوعا في المستشفى في كل المرافق..
 
وهذا الذي يجعلني فعلا أنزعج.. لماذا لا نعمل مثلهم؟ لماذ لا نكون مثلهم؟ لماذا نقلدهم بكل شيء إلا الأشياء الجميلة والنافعة؟ وكنت والله عازما بتشجيع من أبويَ أن أكتب لك عن الموضوع، حتى سبقتني أنت في الموضوع الذي قرأته اليوم (قصده الأربعاء الفائت) بالأنترنت عن «بزوغ أولاد الدمام»، فكانت فرحتي لا توصف.
 
كل ما تمنيته يا عمي أن أكون معكم في ذاك الاجتماع نلتف حولك مع أصدقائي الشباب محبي مدينة الدمام كي نعمل معا في إظهار جمال وتطور المدينة، والله يا عمي أغمضت عيني وتخيلتُ أني هناك، فلدي أفكارٌ كثيرة رغم صغر سني، وعندي أملٌ الآن أكبر من أي وقتٍ مضى بأن الله سيمُنَّ علي بالشفاءِ من أجل أن أحقق حلمي بالتطوع في أعمال الخير لمجتمع مدينتي – بأي مجالٍ أو خدمة- مع إخواني ابناء الدمام.. أرجوك يا عمي أن تقبل عضويتي من الآن، واريد رقم الأخ محمد البقمي أو الأخ علي الحميدان كي أتصل بهما بنفسي.. فهل أستطيع أن أكون مؤسِسا من الآن؟ رغم ظروفي؟
 
عمي: أخبر أولاد الدمام عني، وأشكرهم عني لأنهم زرعوا بي التفاؤل والسعادة والإصرار على مقاومة المرض، وعندي أمل بالله أنه سينصرني، وستراني في مقدمة أبناء مدينتي الحبيبة الدمام التي لا يعلم إلا الله شوقي لها.»
 
وتنتهي رسالة الدمامي الصغير، وكشف لي مدى حب أولاد المدينة لها، فها هو الصغير المريض يفكر في مدينته.. وأقول لك يا صديقي الحبيب الصغير أن رسالتك قـُرِئت على أولاد الدمام، ودعوا لك.. وطبعاً، حجزوا لك المقدمة.
 
أحد الشباب أرسل لي رسالة صغيرة بورقةٍ كتب فيها: « لو لم تحقق جماعة أولاد الدمام إلا أن تصلنا هذه الرسالة لكانت أكبر انتصاراتنا.»
 
اللهم حقق آمال صديقي الصغير، وأعده منتصراً على مرضه، وأفرحنا به.. وأفرحه بمدينته.. فلقد أعطانا جميعا درسا لا يعطيه إلا الكبار.