الجودة المثلى
سنة النشر : 05/01/2008
الصحيفة : اليوم
.. طالـَعـَنا تصريحُ الدكتور حمد المانع وزير الصحة في هذه الجريدة حول بدء تشغيل مستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام، وتعيين الدكتور خالد الشيباني مشرفا عاما له.. وعجبت. هل الزمنُ يدور إلى الوراء؟ أو يلتف في نفقٍ خارج حتى نسبية آينشتاين؟
فأنا مع المستشفى منذ بدأ قبل ثلاث سنوات، وعاصرت كل خطوةٍ فيه لأن كل طاقمه الحالي من أصدقائي القريبين، وهم من خيرة الكادر الطبي المتفق عليهم من أكثر من جهةٍ محايدة.. ورأيتُ كيف ينمو ويكبر، وتوضع له الخططُ، ويوصلون الليلَ بالنهار، على حساب أوقاتهم الخاصة كي يعطوا رسالة للجميع كي يعرفوا أنهم يقدّرون معنى أن يكونوا روّادا لمستشفى تعاقبت سنينٌ طوال، وكل نفس بالدمام بل بالمنطقة الشرقية بأسرها تتطلع إليه كأملٍ مرجوٍّ، وحلمٍ طال وصار في طريقة أن يكون حقيقة واقعة. ولقد تعاقبت عليه نوايا الافتتاح والتشغيل لعقدين..
حتى جاء الفرجُ وبدأ تشغيل المستشفى، وعمل فيه الكادرُ الحالي من إداريين وأطباء وممرضات وممرضين ومن خدمات مساندة في الإعاشة والصيانة والنظافة، وتأهيل مبنى مرت عليه سنوات لتطوير بنيته التجهيزية، وإمداده بالمعامل، وأنا مطلع شخصيا علي دراسات تبلغ مئات الصفحات لرفد المستشفى ليرقى ليكون معترفا به دوليا كمستشفى تخصصي مؤهل..
وكان الطريقُ صعبا ومليئا بالنتوءات، ودخل أكثر من عصى في عجلة الدفع .. وبالتالي والناس يعملون في هذه الظروف لا يمكن أن تحضر اليوتوبيا، ولا الواقع المثالي، فلا بد ان تظهر الأخطاء في طريق الاستفادة والتصحيح، لا الإهمال والمكابرة ووطأة الروتين، ومظاهر الاحتفاءِ والاحتفال..
ثم يظهر التصريحُ بأنه لتوه بدأ التشغيل، وهو تصريحٌ غريب سيقع مباشرة في قلوب العاملين, وهم الذين سيبقون مع الدكتور خالد، وسيُظلـَم كمدير جديد إن استقبله كادرٌ يشعر بأن سنوات من عرقهم وجهودهم أُلغيتْ بسطور.. مع أني متأكد من أن الدكتور المانع بحكم معرفتي به شديد الحساسية في إطلاق التصاريح، وأظن هناك خطأ ما، وأرجو أن يسارع الدكتور المانع في التصحيح لأني أعرف أن التصريح ببدء تشغيل المستشفى وقع كالصخر على نفسيات العاملين.. وأُساءَل، ومسئولٌ عما أقول. ولكن..
ما مضى، لا يعني أنه مضى، بل هو مسجلٌ وموجودٌ في دفترٍ اسمه دفتر وقائع الحياة، ولا يمحوه شيء، فليطمئن الجميع أن عملـَهم موجود ومشكور من قبل الناس الذين يرتادون المستشفى ويعرفون أنه عاملٌ مثلما يرون سطوع الشمس في رابعة النهار.. وعليهم الآن، واجبا وليس خيارا، أن يؤمنوا بأن العملَ باقٍ ولا ينمحي مهما قيل أو كُتـِب، وأن يتابعوا عملهم في إنجاح مسيرة المستشفى الذي هو هبةٌ لنا في هذه المنطقة، ولا نريده أن يكون متعثرا بالنفسيات القلقة أو يتجاوب بإيقاعات الخارج.. فيكفي أنك تعمل أولا من أجل الله، ثم من أجل الناس.. وفي ظني الحسن عنهم، وعن كبر نفوسهم، وإخلاصهم لوطنهم وناسهم، فهم سيمدون أياديهم إلى الدكتور خالد لإنجاح مهمته، لأن نجاح مهمته نجاح لهم، ونجاح بالنسبة لنا كلنا، يتعدى مجرد النجاح العادي، ولكنه مصيري لأنه يتعلق بصحتنا وحياتنا, وكل أجيالنا الطالعة..
فأهلا بالدكتور خالد بيننا في المنطقة ، في الدمام، وهو فيما نسمعه عنه خير خلف لخير سلف، ومؤهل تماما لقيادة هذا المشروع – الأملَ إلى ضفاف الأهداف التي توفي حاجة المنطقة لتوفير أرقى تقنية علاجية، مدعومة بأفضل القدرات البشرية، لأرقى المقار الطبية..
سيكون الدكتور خالد- وهو لا شك يدرك ذلك- على أكبر مؤسسة صحية في المنطقة، ومن أهم المرافق العامة بالمنطقة إن لم يكن الأهم على الإطلاق.. ولن يكون بقدرته إدارة الدفة بلا فريق متعاون كامل التأهيل الفني والنفسي، وبوافر اللياقة العقلية، والوعي الإنساني، وهو ما نتصور بحكم المعرفة القريبة أنه في الطاقم الحالي، الطبي، والإداري، والتشغيلي، والمالي..
في رأيي الأكيد أن الدكتور خالد لا يبدأ تشغيل المستشفى بل سيواصل التشغيل في رحلة نحو الجودة المثلى.. وهي رحلة لا تنتهي، كما أن العثرات ستكون متوقعة في الطريق، ولا يجب أن تـُحسَب عليه، بل تحسب له حين يتخطاها، وهكذا يكون اكتساب الخبرات، وتطوير الابتكارات الظرفية..
نريد شيئا أخيرا: أن تكون مع الدكتور خالد خطة موضوعة أو متصورة، وأن يُترَك له كاملَ الوقت لينجزها، مادام أنه وضع علامات قياس على الطريق.
والآن، أهلا بالدكتور خالد الشيباني في مستشفى الملك فهد التخصصي.. لمواصلة التشغيل! .