هيا نتذمر
سنة النشر : 04/08/2002
الصحيفة : اليوم
ومن مشاكلنا القائمة كعرب والتي تمنع تطورنا الفكري وتقف بالتالي حائلا دون إنجاز تقدمي حضاري هي هذه الصفة التي تمتد من الماء الى الماء ( كما يحلو الوصف للقوميين) صفة التذمر
لا تجد عربيا واحدا لا يتذمر يستذمر من عمله ومن ظروفه ومن عائلته ومن اصدقائه ومن مجتمعه.. والتذمر لا يعني كرها أبدا ولا هو حتى من أطياف الوانه ، هو صفة غير متلازمة مع أي عاطفة.. تتذمر أحيانا من اقرب الناس الينا وأحبهم الى قلوبنا كمن يتذمر من زوجته أو تتذمر من زوجها أو من الأولاد كما تتذمر ممن لا تحبهم قلوبنا.
على أن التذمر لا ينتج شيئا ولا يصنع شيئا وهو على النقيض ينتج إحباطا زائدا فينقل القلب المثقل ويزيد العبء على الاكتاف المحملة باطنان من الهموم فالتذمر إذن هو صفة مازوشية ( وهي الولع بتعذيب الذات والعرب معروفون للاسف الشديد حقا بتمرسهم العتيق في عقاب الذات لأي شيء في أي شيء أجلس مع صاحبك ستجده يتذمر من اصحابكم الآخرين ، واجلس مع زميلك في العمل واستمع إلى سمفونية من التذمر ، واخرج وصافح من لا تعرفه في الطريق وستجد عنده بضاعة من التذمر أولها انك صافحته وهو لا يعرفك نحن مجتمعات تتفان في أن تركز التطلع إلى نصف الكأس الفارغة.. الا ان التذمر لا يزيد هذا الفراغ قطرة واحدة من ماء. وهنا حجر الزاوية... الفرق بين التطور الذي حصل في اوروبا وهذا الذي يحصل في مجتمعاتنا هو التذمر أقول قولي هذا وأنا اعرف ان هناك من ( سيتذمر) باعطاء صور المقارنة مع الغرب.. وكاني اسمعه يقول ( كلما رفعوا أصواتهم تشدقوا أوربا أوربا على أن لا حيلة لي في ذلك الواقع هو الذي يقول.. واذا تكلم الواقع ( لن أكمل العقلية الاوروبية نشأت في عصور النهضة على انتقاد الوضع السائد ، بعد أن تذمروا كثيرا من السلطة الكنسية ، ومن القهر الإقطاعي ، ومن المعاملة المزرية من حكام المقاطعات... والانتقاد المبني على باعث حقيقي، ويحمل معه محاولات حقيقية ، أو حتى محاولات حلول حقيقية.. كان المفتاح الصغير الذهبي الذي فتح البوابات لأوربا إلى عوالم جديدة.
الانتقاد الحقيقي ، يقود الى التغيير الحقيقي ، هذا الذي جبلت عليه العقلية الغربية ، تجد فتاة في عمر الزهور مرفهة في كنتاكي الامريكية تشاهد برنامجا عن الجوع في الصومال. لم تتذمر انتقدت الأوضاع وسافرت في بعثة تطوعية لتقديم الغوث للجياع.. اعتدي على الفتاة في الصومال ومازالت تقدم العون الذي أطلبه من نفسي وارجوه منكم الا تتذمر بل أن تعمل شيئا لكيلا تتذمر .
والآن سأترككم فقد حان وقتي اليومي للتنمر!