أبا نبيل .. وهل أسامح نفسي؟!

سنة النشر : 06/07/2002 الصحيفة : اليوم

 
كيف لم أعرف أن شهابا سقط من السماء ؟ من لا يرى الشهاب يخر من لهي الفضاء ليهوي في الخلود. فلا بأس على الشهاب.. إنما الاخفاق الكبير في العين التي لم تره...
 
مات الرجل النبيل أبو نبيل محمد عبد الجليل بوبشيت ولم أعلم إلا وأنا عائد من رحلتي الخارجية التي استطالت ومن رسالة تذيب القلب الصوان... رسالة كتبتها أم نبيل في هذه الجريدة ، تطوب أحب الرجال الى قلبها.. زوجها شريك العمر والأمل... ما أشفق دمع زوجة حبيبة على زوج محب... هذا الرجل الذي لم التق معه إلا مرات قليلة عمر في ذاكرتي كما يجب أن تعمر وتزدهر أعطر الذكريات.. هذا الرجل الذي رحل وترك في قلب محبيه شعلة لا تنطفىء من الحب ونورا لا يخفت من الأخلاق في تساميها ومسمة حزينة في كل قلب جميل لهذا الرجل النبيل. إلا أن تجربتي. معه كانت خذلانا نجحت في أن أسجل خذلانا لا يوصف مع ( أبو نبيل). وعدته بالزيارة ولم أف. وعدته بنقاش موضوع كبير كان يملأ عقله الكبير.. ولم أف.. وفي كل مرة يستقبلني- مثل غيري- بهذه الابتسامة التي لا تعرف معنى للعتب.. كلما رأيته كبر في عيني وصغرت أنا أمام عيني.
 
ولقد لفت نظري من أول مرة.. أدخل على مديري المكاتب فتراهم منتفخين أكثر ممن له يديرون المكتب وتدخل على أبو نبيل في مكتب صغير وهو يتواضع في وسع الدهناء وكان يصح له الانتفاخ ، فهو يدير مكتبا مهما لرجل مهم إنه التوافق بين مدير المكتب العارف بعظم المهمة والواثق من تصاغر النفس وبين الأمير مشاري بن سعود العالم بضخامة المهمة وأهلية الرجل الذي وضعه أمام مسئولياتها.. الإثنان لم يكن يعنيهما بهرج المكاتب ولا فخامة الظهور كان الرجل التحيل أبو نبيل بوجه يريح الرائي ويزيل الكدر وله ابتسامة تذيب القلب الواجس لا يدخل الناس إلى الأمير إلا بعد المرور بمصفاة بشرية من النيل والرهافة واتساع القلب والعقل فيفصح الناس ويصغي الأمير فتحل أكبر المسائل.
 
كان أبو نبيل المتواضع عبقريا في علم خبايا الزائرين وهو فوق ششعه بثقافة فياضة أمده الله بالقدرة على الاهتمام بالناس كل واحد يأتي ويعتقد أنه الوحيد في قمة اهتمامات أبو نبيل... كانت أساطير الفرس تقول أن الأرواح الطيبة ترسل لها جاليات الروح لترفعها مبكرا عن شوائب) نحن لا نؤمن إلا بقدر الله.. ولكن ما بيدي... كلما تذكرت رحيلك جاءت تتهادى الأسطورة في مخيلتي هكذا يشاء الله يرحل طيبون ويبقى طيبون أبها الطيب مثل كل مرة خذلت نفسي معك لن أقول سامحني فأنت لا تعرف العتب.. ولكن أريد أن أسامح نفسي!
 
لعلك بإذن خالق الأكوان تبتسم الآن على بوابات الرضوان؟