المرض.. معلمنا الكبير..
سنة النشر : 16/06/2002
الصحيفة : اليوم
المريض يسألني والدموع تملأ عينيه.. وتتطاير الى فمه لماذا تمرض) لا بأس أن نعرض وقد أمضي وأقول: إن المرض حاجة.. أو أن في المرض حاجة.. هذه الحاجة أن نتعلم المزيد من جوانب الحياة التي لا تغير أركانها وزواياها المتخفية إلا الاكتشافات التي تبعثها المعاناة.. ومن المعاناة المرض وآلام المرض.
نتعلم من المرض جمالات مذهلة.. جمالات تأخذ العقل وتحتوي القلب وتملا الشعور.. نتعلم من المرض أولا أن ترى أنفسنا من الداخل. أن تكتشف هذا الهيولي الذي يحمل كل حياتنا في الأيام الرتيبة... نمشي وننسى أقدامنا التي نمشي عليها.. تلتقط الهواء وننسى رئائنا التي تعمل بلا توقف لتقصد هذا الهراء حبوبا لكامل الجسد لكي تبعث الطاقة فيه حركة الحياة يعلمنا المرض أن تتعرف عى كل عضو عامل في أجسادنا.
يعلمنا المرض أن نحب أكثر. نكتشف في لحظات الضعف المرضي حاجتنا الحيوية لأن يحبنا أحد.. أن يفكر فينا أحد.. أشد من آلام المرض أن لا تجد أحدا يبعث لك تعاطفا صادقا.. دعوة حرى أن يشد على يدك.. لكي تمضي في الصراع مع المرض..
لو كنت طبيبا لوصفت المحبة أول دواء لتدعيم النظام المناعي في الأجساد يعلمنا المرض الضعف النهائي لكي نمضي في رحلة عميقة للبحث عن الإيمان النهائي.
لذا فإن المرض يصفي نفوسنا من عنفوان التعدد وتمرد المكابرة... فيقودنا بايدينا الممتدة الى مناهل الإيمان وعندما تصل هناك قد لا يهمك انتظار الشفاء بقدر هذا الانتشاء وهذا الانعتاق الرائع بوصولك الى انبعاثات الضياء.. حيث ترتاح النفس والروح والعقل من شقاء الفضول وشقاء مطاولة السماء.. أحب أحيائي دوما... في حالة المرض تمس محبة أهلنا وأصدقائنا خلايا اجسادنا اذن المرض.. رحلة للشفاء الشفاء من كل شيء..