البرعم والسابح الناري

سنة النشر : 14/05/2002 الصحيفة : اليوم

 
لقد انتشرت هواية خطرة في بلدنا والمشكلة انها هواية وليست وسيلة انتفاع قبل الخوض في هذا المعنى فان هذه الهواية التي انتشرت كالعدوى بين فتية المدينة هي ركوب الدراجات النارية وهي آلة مزعجة تلهب الآذان باصوات متواصلة التفجر مشكلة اثقل تلوث ضوضائي غير أن هذا ليس موضوعنا فلا مانع من أن تتحمل اصوات هذه الآلات النزقة لو ان هؤلاء الفتية ينتفعون بها بالفعل.
 
ولكن نقول انها هواية وليست غاية والهواية تعني الاستخدام للتلذذ وهذا التلذذ احيانا لا يعرف الاكتفاء فيطول استخدامه لانه لا وقت وضع له ولا مكان يراد الوصول اليه وبما انه هواية فمن طبيعة الهواة التفنن في استخدام ما يحبون وهم يجددون ويبتكرون ويجربون بلا انقطاع ولا بأس في ذلك في اي هواية مسالمة ولكن هواية ركوب الدراجات مشتقة من الرعب نفسه، نعم الرعب ليس الرعب منها ولا الرعب علينا ولكن الرعب على هؤلاء البراعم الذين بالكاد في طريقهم لان يزهروا أعني هؤلاء الصبية الذين يمتطون آلات كانها سوابع من نار والقيام بحركات أكروباتية تضع القلب من داخل القفص الصدري وابن في الطريق العام وهم يقصدون أن يكونوا في طريق الكورنيش الممتد على طول ساحل المدينة، بجارون السيارات المنطلقة ويتجاوزونها رعة ويتلاعبون معها.
 
هل يتلاعب الحديد مع الحديد بسر تتجاوز المائة كيلو متر ؟ انه التلاعب مع الموت أو ملامسة عالم اكثر بشاعة.. عالم العجز والاعاقة انها لعبة كل هدفها خنق البراعم قبل أن تزهر ولا أرى هدفا غير هذا.. من نلوم؟ والله لا ادري لمن توجه اصبع الاتهام هل للأسرة هل للمرور؟ هل إلينا جميعا؟ ولكن احدا يجب أن يلتفت لهذه المسألة قبل أن تصير ماسي فقدان شبابنا الغض المولع بهذه الدراجات ظاهرة، بل أن هذا ما قاله لي صديقي الطبيب ونحن نسير على الكورنيش.
 
وروى لي مشاهد لن أقولها لكم ولو أردت لما استطعت طبعا من الاسباب هذه الالعاب البهلوانية التي يشاهدها الصبي المتحفز على الشاشة ولا يشرح له احد انهم لاعبون محترفون وضمن قوانين منظمة وساحات ممارسة محددة او انها أفلام الحركة العنيفة ولا يشرح لهم احد انه مجرد تمثيل مأخود فيه كل الاحتياطات يركب الصبي الذي هو مهجة اهله هذا السابع الناري أعزل من كل واقيات السلامة وينطلق بطاقة حماسة الصيا مع عنفوان النار معا على كف القدر...