عيناك

سنة النشر : 16/02/2002 الصحيفة : اليوم

 
لم تنجح آثار مرض قديم على إخفاء هذا الجلال الجميل في عينيك.. فيقينا إطلالتان من نور ومن حب لا يمكن أن يخفيا على أحد.. لم يقع نظر هاتين العينين العميقتي الأمان على أحد إلا وكأنهما قطرات من حب وتعلق وقعن في عين القلب.. وهذا سبب أن كل من عرفك أحبك وتعلق بك.. هذا الحب وهذا التعلق..الكبيران. كانتا عيناك الجليلتان مخارج للنور ، ومخارج للمعرفة هذا النور الذي حمانا دائماً من الظلام... هذا الظلام الذي تدفعنا إليه جهالتنا.
 
وشقاوتنا، والطاقة التي لا تهدأ للخوض في المغريات كانت عيناك هما الحارستان على بوابات الضياء ، فلم تسمح لنا يوما بالتسلل إلى دعوات الظلام ولما غلطنا مرات يا صاحبة العينين | الجليلتين ودلفنا خفية إلى مزالق المغريات البراقة كانت تنبع لنا دائماً عيناك بضيائهما الكريم، وبجلالهما الأمر تحذرنا، وتطلب منا التراجع إلى أسوار النور.. ومازلنا إلى يومنا هذا تجرنا جواذب- الحياة المزخرفة باللذات.. ومازالت عيناك إلى يومنا هذا تبزغ) علينا مثل فجر الأفق لتقود ضمائرنا إلى محافل الضياء.
 
وكان لابد لهاتين العينين اللتين شقينا وراء تربية وتهذيب أنفس متمردة شقية متطلبة أن تتعبا من المطاردة ومن الحدب ومن الخوف ومن الترقب.. لكنهما يوما لم تتعبا من الدعاء.. ولم تتعبا أبدا أن تكونا- الحارستين على بوابات النور ، وأن تكونا دائماً منارة الهداية- منتصبة على بحور الحياة لترشدنا في هذه البحور الواسعة | الغضبي الزاخرة مهما أوغلنا يا صاحبة العينين الجليلتين في الإبحار.. إلا أن نور المنارة المنتصبة بعيداً كانت دوماً تلوح لنا بعلامات الطريق.. حتى لا نتوه.. ولما دخل ميضع الجراح في عينيك ، فإنه دخل في نسيج كل قلب من قلوبنا ، ولا ندري هل خفنا على عينيك الجليلتين أم خفنا بأنانيتنا على قلوبنا خفنا على هذه القلوب أن يمتنع عنها الضياء.. وعندما قال لي الطبيب ، هذه امرأة شجاعة.. ولقد أحببتها.. ضحكت في سري فقد كنت أعرف ذلك مسبقاً.. فقد وقع ضياء عينيها في قلبه.. أما هي فقد كانت منشغلة بالدعاء للطبيب!