شيء أكثر من مجرد المقاطعة

سنة النشر : 30/04/2002 الصحيفة : اليوم

 
لقد كنت في البقالة أستوفي بعض الحاجيات ضمن قائمة معطاة لي لا أحيد عنها ، ودرت بين الرفوف و جمعت سريعا محتويات القائمة بلا تمحيص فما الذي يدعوني الى ذلك.. ثم توجهت كمن أنهى واجبا مدرسيا الى جهة الدفع ، حيث كان الرجل غارقا في الحديث مع امرأة تغطيها العباءة من الرأس الى ما قبل قاع الأرض...
 
المرأة: خذ يا أخي هذه القائمة وأحضر لي. حسب ما أخبرتك إذن.
 
الموظف: حالا يا سيدتي ، ولقد أدركت الآن كل هذا الحرص فاعذريني على تعاملي معك باستغراب... ثم إن الموظف أخذ قائمة المرأة وزرعني في مكاني تحت كل تيارات الدهشة في العالم.. هل يعقل ان يذهب ويتبضع لامراة ويترك زبونا مع مشترياته وكانه غير موجود.. أو كانه شبح لا يمكن رؤيته ؟!.. على أني معروف بالتحلي بالصبر ، ولم يكن ذلك خوفا من ضخامة قامته وهيكله المنحوت من الجرانيت.. لا بالطبع ، فليس التخاذل من طبعنا بني يعرب.. ولكنها الظروف!
 
بعد دقائق حضر الموظف مع مشتريات المرأة المطلوبة. ووجهه ينضح بالبشر وكانه يقدم خدمة لامه.. وفي محله... على ان المرأة اشارت للموظف بأن يقدمني عليها لحرجها من انتظاري ، ولكني ابيت واصر الرجل والمراة.. وقد رأى الرجل حيرتي وفضولي اللذين كانا مرسومين على ملامحي بالأبعاد الثلاثية ، وبادر في التفسير.
 
الموظف: لقد حضرت هذه الزبونة الكريمة ومعها قائمة من احتياجات منزلها ، ولكن كان لها شرط لا يقبل التنازل ، وهو ان تكون كل الانواع من صناعة غير امريكية ، وقالت انها غاضبة على تصرفات امريكا ضد الفلسطينيين ، ولن يمكنها تناول او استخدام اي بضاعة امريكية.. لذا رأيتني انسى كل شيء واذهب سعيدا لتلبية طلبها.. ولما خرجت المراة التفت الموظف الشاب الي وقال: كنت اتمنى الا تدفع ريالا لمشترياتها فلقد أثرت في بطريقة غريبة « فسالته » كيف ؟ قال: سالتها: هل انت مع مقاطعة المنتجات الامريكية. ولقد كان ردها المباشر العفوي وما هي المقاطعة الامريكية ؟..
 
نعم كانت المرأة تتصرف بتلقائية العواطف لاغير!