ابن جبير

سنة النشر : 02/02/2002 الصحيفة : اليوم

 
كان يذكرني دائما اسم "ابن جبير" بالالقاب العربية القديمة ، وهي اسماء لرواد في العصور الاسلامية الزاهية وكان تتبعي لسيرة واعمال ابن جبير التي لا يمكن ان تخفى عن احد يؤكد هذا التأصيل في التشابه وقبل الخوض في الموضوع ، فانه لا يمكنني رثاء الشيخ الجليل رثاء شخصيا وذلك لانه شخصية عامة ولم يكن لي الحظ لمعرفته عن قرب. ولكن للرجل الكبير اصدقاء ومعارف و احباب ذكروا وكتبوا الكثير من جليل اعماله وعن حبهم له وعن الخسارة التي ستكون من بعده رحمه الله على انني أعود لما بدات به فاقول ان الرجل كان جسرا بين الماضي الجليل بما يوحي الى اسمه وبما كان بالفعل من طبع سيرته من ملاحظة شخصية. اذن كان يذكر بعاض جليل لانه صنع حوله حاضرا جليلا وكان اختياره لرئاسة أول مجلس الشورى الحالي من القرارات الصائبة بشكل مدهش ، واختياره جاء عن عقلية ثاقبة وقارئة للاحوال القادمة وتعرف ملاءمة الرجل تماما لمرحلة قادمة في غاية الأهمية. كان الفقيد الكبير يقود انعطافا تاريخيا مرت به الظروف الاجتماعية والسياسية والادارية في البلاد.
 
وحيث ان طابع الشورى له روح خاصة، وهي روح اسلامية صرفة فكان يجب ان تظهر هذه الروح بجلاء حتى لا تذوب في الممارسة الوضعية كل الذوبان والمجتمعنا طبيعة محافظة فكان يجب ألا ينقل المرحلة جديدة عليه تخالف طبعه وطبيعته عن طريق رئاسة تكنوقراطية. كان المجلس يحتاج للطبيعة المترفقة التقليدية الحازمة المتفهمة والعالمة بدقائق وطبيعة الارتباط الرسمي والشعبي. وكان هذا الوضع ولا اقول « المنصب كان مفصلا لتحل به قامة ابن جبير. لم يكن في الدائرة المعروفة من يناسب الوضع اكثر منه.. وكان لكلاسيكية وارتباط عقليته بالمآثر القديمة سمة خاصة انطبعت على كل المجلس فنال هذا الاحترام العميق بين كل الاعضاء وما كان لاي نقاش أن يخرج عن حدود المظلة الابن جبيرية الواضحة الحدود.. هذا الوضوح الذي ظلل الجميع ، فقدره الجميع. ربما كان الفقيد واحدا من اقدر من ادار مجلسا استشاريا وطنيا. لقد ادى الفقيد الكبير الدور الذي كان يجب أن يؤديه كاملا رغم رحيله المبكرا له منا الدعاء بالمغفرة والرحمة. وله علينا الشكر في وضعه لسلطتنا الاستشارية في المسار الصحيح.