مشاهدات طبية
سنة النشر : 12/08/2002
الصحيفة : اليوم
فجأة ارتجف المريض والطبيب الشاب أمامه ساله مرارا ماذا يشعر إلا أن المريض استفرغ ما في معدته ، وأخذته نوبة من الرجفة والارتعاش، أسقط في يد الطبيب ولم يدر ماذا يفعل... فما كان منه إلا أن ضغط على زر استدعاء الممرضة حضرت الممرضة الأجنبية وصاحت للمريض بكلمات عربية مفككة ولا تخف يا بابا الأمور ستكون على خير أخذه الممرضة جهاز الضغط ، ثم است نبضه واستدعت ممرضة أخرى وطلبت منها إحضار إبرة وريدية ومحلول السلاين محلول ملحي غرزت الإبرة الوريدية في ذراع المريض ليتلقى وريديا السائل المعوض.. رفعت عينيها للطبيب الشاب وقالت له الضغط منخفض وفقد للسوائل أعطيناه السلاين للتعويض عن السوائل المفقودة ولتعديل الضغط.
ولقد استدعيت الطبيب.. وعينا الطبيب الشاب مازالتا زائفتين. عجبت للمنظر ، وعجبت لارتباك الطبيب، كما أعجبت بثقة المعرضة وبمعرفتها ودرايتها الطبية والذي يجعلك لا تقبل المشهد من المرة الأولى هو هذا السيناريو غير المعتاد، فعادة تنفذ الممرضة تعليمات الطبيب في مشهدنا هذا تضاءل الطبيب أمام الممرضة... وتساءلت تساءلت لا يمكن أن يكون الطبيب الشاب لا يعرف كيف يقيس الوظائف الحيوية لدى المريض ولا يمكن أن يجهل كيف يتصرف أوليا حتى يأتي الطبيب الأعلى رتبة أو المتخصص، كما أن اللوم قد لا يلقى كله على كتفي الشاب الواهنتين بل على القضية التعليمية نفسها التي تلقاها في كلية الطب.
في كل موقف على العموم لا ينجح التصرف إلا عند من يملكون الثقة والثبات أو هما من عوامل النجاح في اجتياز المواقف هناك موقف بنائي للشخصية الطبية استنتج أنها مفقودة في دائرة التعليم الطبي التعليم الطبي يتركز بشكل كبير على اجتياز الامتحان تلو الامتحان يتحول تلميذ الطب الى كائن امتحاني يلتصق بالكتب وجمع المعلومات وتضعف قابلية اتصاله بالمشهد الواقعي وليس هناك سر كبير كل الأمر أن من يملك المعلومة لابد أن يتعلم كيف يعرف استغلالها في الموقع الصحيح مع ا الصحيحة وكيف يجند ذهنه وشجاعته لتخطي حرج الحالة المرضية. لقد كانت الممرضة في غاية الثبات وغاية الثقة لا أدري. ان كان ذلك من شيء علموها اياه في مدارس التمريض، هذا الشيء هو الذي أود أن تعلمه لطبيباتنا وأطبائنا الجدد. الأطباء مهنيون متميزون على أن هذا التميز لا يأتي فقط بارتداء الروب الأبيض وإسقاط كتب طبية في الجيوب يأتي هذا التميز في أن هناك مريضا وأن المريض يحتاجك كي تشفيه بحول الله وتنقذها.