قصة مدينتين 1

سنة النشر : 15/07/2002 الصحيفة : اليوم

 
في سالف الزمان والأوان. عاشت فتاتان شقيقتان ، وكانت عندهما ماشطة.. وهي الموكل إليها إعداد شعر الشقيقتين وتسريحه.. كانت الشقيقة الصغرى بشعر كالبلسم هفهاف كالموج الأسود الذي تنعكس على موجاته أنهار من الضوء القمري وعندما تحرر الماشطة مشطها على شعرها فإنه ينساب من بين أسنان المشط كما ينساب شلال من الحرير ، لذا كان شعر الصغرى دائما براقا جذابا يكلل رأسها كتاج من الأبنوس الخالص... الفتاة الكبرى كان شعرها ثائرا خافتا مع عظم حجمه وغزارة كثافته وثقل خصلاته كثير التعقيد متداخل الذوائب، عصيا على الترتيب وتعاني الماشطة اعداده وتسريحه وتفرز أسنان المشط في تكوماته العميقة.. عندما يراهما الناس البعض يلوم الماشطة.. وبعض آخر يلوم الفتاة الكبرى لعدم اهتمامها بشعرها ليسهل مهمة الماشطة أما الصغرى فكانت تملا المهج والقلوب بإشراقتها الساحرة ، وشعرها السيالي الفنان ويثني الناس ثناء كبيرا على الماشطة.
 
ويغمز بعضهم باهتمامها بالصغرى ، وقلة التفاتتها للكبرى.. وتمضي الحكاية وبها المظلومتان، الماشطة والشقيقة الكبرى. وفي هذا الزمان حكاية مدينتين شقيقتين هما الدمام الأخت الكبرى والخبر الشقيقة الصغرى ولابد هنا من عرض الموضوع بدقة وبعيدا عن الحساسية وبمقويات من الصراحة ومواجهة النفس كلنا يرى كل يوم والخبر تزداد القا وتتورد حسناء بينما يصعب القول عن الدمام بالمثل فهي تثقل اتساعا وتتفقد معالم الجمال فيها ولا يبدو إلا منضويا باهتا وإن طل فعلى استحياء في بعض نواحيها.
 
أسهل الأمور عليّ أن أوجه اصبع اللوم على الأمانة والمصالح الخدمية.. ولكن اللوم يحتاج إلى أدلة.. ومن الصعب جدا إقامة دليل تحيزي على الأمانة مدعما بالحقائق بل نظلمها كما ظلمت الماشطة... إذا من يلام ؟