المريضة وكاتبة المواعيد

سنة النشر : 16/04/2002 الصحيفة : اليوم

 
كنت في المستشفى الحكومي الكبير ، محاولا رؤية احد الاطباء في مقابلة سريعة لغرض عام ، بينما كنت عند مكتب المواعيد في العبادات الخارجية.. تابعت حوارا الهاني عن السؤال عن صديقي الكاتبة: يا خالة موعدك أنت بعد شهرين من الآن. المريضة: طيب وماذا أعمل هل أموت ثم أتيكم بعد شهرين ؟ الكاتية: خلاص هذا هو الموعد ، ولو فيك ما يستدعي العجلة لما أعطاك الطبيب هذه المدة.
 
المريضة: طيب رجاء يا ابنتي هل لي أن أدخل عند الطبيب ولو لمدة خمس دقائق. الكاتبة: مستحيل لا استطيع يا خالة. فهناك أكثر من عشرين مريضا في الانتظار لهذا اليوم. وهنا رأيت ان السالة الصحية في البلد هي مسألة ترتيب اولويات وليست فقط محاولة زيادة الاتفاق المالي ، فلا معنى لاي زيادة في الانفاق ان لم تتحسن الخدمة الطبية في العبادات الخارجية ، وحتى لا يساء تفسير هذا الكلام ، فالمقصود من الخدمة الطبية ليس مستوى الاداء لدى الاطباء جهودهم على رأسي ولكن اقصد مدة الانتظار.. فكلما قل معدل انتظار المريض لرؤية الطبيب في موعد للعيادات الخارجية اعتبر ذلك تطورا في الخدمة الصحية.
 
اذن المسألة ليست في البحث عن زيادة التبع المالي فقط ، ولكن الحذاقة في رفع الاداء الخدمي الطبي أي الاستفادة الكمية والنوعية في التدفق والمصبات.. طبعا رفع الجودة الخدمية يتطلب مراجعة دقيقة وفعالة للاجراءات الروتينية لتسريع مدة الانتظار لكل طبيب كما يتطلب جودة نوعية في استكمال فحوص وتشخيص المريض للتحسب لأي مضاعفات غير مرغوبة اثناء فترة انتظار الموعد القادم مما قد يضاعف الأمور سوءا ويزيد في مدة العلاج وحجم الانفاق على الحالة...
 
ولكي تتم هذه التطويرات فلابد من مبدأ للقياس الذي يحدد ريحكم على أي تطورات أو تراجعات طارئة ، فتعرف ان هناك معدلات انتظار متفق عليها دوليا لمدة انتظار المريض المقابلة الطبيب الاستشاري والطبيب الاختصاصي واللطبيب العام الاخذ بهذه المعدلات كمعدلات للاداء هي التي ستكون الأرضية القياسية التي ستعتمد عليها خطط تطوير الخدمة الطبية في العيادات الخارجية... كما لابد من برنامج التوعية المريض لدلالات المواعيد ومعرفة اهمينها ليساهم المريض الواعي في تفعيل المحاولات الهادفة لتحسين آلية المواعيد في العيادات الخارجية. أما ما تم في مسألة الخالة المريضة والكاتبة.. فكل ما انتهى المشهد عليه بالنسبة الي أن المريضة العجوز توكات على عصاها وانطلقت بأقصى ما يمكنها باتجاه عيادة الطبيب تحت نظرات الكاتية التي تجمدت عجبا واحتجاجا...