سلسلة الأحلام 2
سنة النشر : 26/02/2002
الصحيفة : اليوم
لقد كان الجو لافحا في نهاية النهار والغبار يرتفع حتى يكاد يلف قوام الإنسان ، وكنت قد قررت المشي عدة كيلو مترات الى بيت العم أحمد وهو الصديق الذي أحرص عليه ، أتمنى أن يحرص علي... ولقد صار المضي في المشي صعبا وحاولت أن أركب رأسي معاندا ظروف الجو والمضي في المشيء إلا أن الذي ركبت كانت سيارة أجرة.. سيد الرحمن هو اسم السائق الذي ركبت بجواره وتحدثنا عن مزرعة أبيه التي قضى عليها بمواشيها ودواجنها قطيع من الأقيال الغاضبة ، وكانت أعصابي مجهدة وأنا أحاول أن أصغي لقصة الأقيال قبل أن تنتقل للنمور.. ولما التفت لأرى السائق منعطفا في الطريق ، تعجب السائق من عيني اللتين كادتا تضربان في وجهه قبل ان تعودا لكيفيهما، قلت: ولكن این سید الرحمن؟ ضحك الشاب السعودي، وقال أنت تتكلم عن أيام مضت فلا سيد الرحمن بعد اليوم..
ياه! بالهذا الزمن، فلقد قرر شبابنا في يوم مجيد أن يخرجوا عن هذه الدائرة التي لا تنفتح، وتتأرجح بين كتفي القطاع الحكومي والقطاع الخاص فقد قرروا يومها أن يبحثوا عن الطريق الثالث.. وكما قص علي ناصر هذا الشاب الذي يقلني بالسيارة فقد بدأ الطريق الثالث لما توجه بعض الشباب المحيط الى شركات الليموزين التي كانت في معظمها عبارة عن شركات تأجير في الحقيقة التي لم يستطيعوا أن يبطنوها، وقدم الفوج الأول من هؤلاء الشباب كل الضمانات الممكنة والتعهدات والتوصيات بأنهم سيحلون محل سائقي الأجرة المستقدمين والمؤجرة عليهم السيارات بمبلغ مقطوع ، وعلمت فيما بعد من ناصر أن معهدا اقيم فقط لتقويم السلوك وآداب المعاملة لهؤلاء الشباب قبل إن يسمح لهم بتسلم السيارات.
ولقد تردد المجتمع لبرهة فقد كان الجميع يصرخ بالسعودة، ولكن الجميع يصرخ ان جاءت السعودة عند عتبة بابه وسهل على الجميع لوم القطاع الخاص الذي لا يهاب جانبه أحد.. ولما التفت النافذة واذا الشوارع تعج بسيارات الأجرة التي يقودها فنية مثل ناصر وحسيت برأسي ما لا يقل عن ثلاثين الف وظيفة عبر البلاد وابتسمت مرتاحا هانتا لولا أن هذه البسمة كدرتها وطيرتها صرخة حادة أيقظتني من تعسيلتي من جناب سید الرحمن قائلا: رأس إنت نام على كتف أنا.. كيف أسوق ؟!