.. كرامة البقاء!
سنة النشر : 08/04/2002
الصحيفة : اليوم
لكم أود في لحظات عارمة إعادة ترتيب الكائنات الحية ولكن ليس الترتيب الحيواني التشريحي الذي اتفق عليه علماء الأحياء والزولوجيا، ولكن اعتمادا على كرامة العيش وكرامة البقاء.. وإنك لو فكرت مثلي لا تقلبت بك ترتيبات مخلوقات هذه الحياة ، ولا نفتحت أمامك بوابات جديدة في آفاق مفتوحة تنظر بعمق إلى ما نسميه كرامة البقاء... وسترى ما أقصد... الفيل مثلا من الحيوانات التي تنتمي لطبقة كرامة البقاء لأن الفيل يقتات من جهده ومن عمله الشاق ، ومن تلمس منابت الأشجار ، وهو يتنقل من أجل ذلك وبناضل وعبر المسافات في سبب أن يعيش بوجوده اللائق ، على أن هذا الكائن الضخم يأكل كميات كبيرة ، وبتواصل وهذا جعل عملية الهضم لديه غير كاملة، لذا فهو ( أجلكم الله) يتغوط كل ساعة تقريبا ، ويخرج كميات معتبرة من الفضلات غير المكتملة الهضم. تأمل ماذا يحدث بعد ذلك تأتي أنواع من القردة وتنقض على كتل المخلفات الفيلية. وتبعثرها لتخرج الحبوب غير المكتملة الهضم والأعشاب والأوراق ثم تنهمك في أكلها.. ولذا فهي حيوانات سفلى تعيش ولكن محرومة من كرامة البقاء أي من طبقة البقاء السفلى.. وهذا شأن كل مخلوق يعيش على الفضلات والمخلفات.
بينما أحيي هذه السحلية العملاقة التي لا تملك شعبية القردة ، فلا تملك القردة شعبيتها إلا من الشقلبة والتقليد والقفز المضحك، والأقلية المشكوفة، بينما لاتتردد في التحايل على عيشها مهما دنا التصرف التمساح بروح حرة مثابرة وهو يموت ولا يعيش على جهد الآخرين إنما من عرقه على كل حال لا تتعرق التماسيح ولا تذرف الدموع من ناحية فسيولوجية! وتعرف أن جهده لا يعجبنا ، بل يخيفنا لأن لحم الإنسان من الوجبات المفضلة من تماسيح النيل الجنوبي العملاقة.. ولكنه على استعداد لان يعيش أشهرا بدون أن يأكل إن لم يجد ويعتمد على مخزون ذيله الذي يكفيه للحياة أربعة وعشرين شهرا هذا الوحش من طبقة كرامة البقاء.. والجمل كائن من نفس الطبقة، هذا الفصيل الأنف الذي يعتمد على عيشه بنفسه ويخزن قوته حتى يعبر القواحل بدون أن يحني رقبته الإنسان: ينقسم الى الطبقتين!