سنة النشر : 14/05/2016 الصحيفة : الاقتصادية
- أهلا بكم في مقتطفات السبت رقم 87
***
حافز السبت
فتش فيما خفي من تاريخ أمتك أكثر مما بان وظهر.
***
الرأي
ما دور بريطانيا في التكوين الجغرافي والديموغرافي في العالم؟ إنه فظيع!
لما تقرأ في تاريخ الاستعمار البريطاني وبالذات في العهد الفكتوري، لما كانت الشمس لا تغيب عن الإمبراطورية، تجد أن كل خراب، كل افتئات، كل تفرق، كل خلاف واختلاف إنما كان بمبضع دهاة الاستعمار البريطاني الذين استخدمتهم بريطانيا إما أفرادا بتخصصاتهم أو استغلت ولعهم الاستكشافي الجغرافي، أو التبشيري، أو اهتمامهم الأنثروبولوجي بشعب بعينه، أو أولئك الذين حكموا بمناصبهم من شرق العالم البعيد، إلى أقاصي الغرب البعيد. تحكمت بريطانيا بأقفال العالم ومفاتيحه منذ نهاية القرن الثامن عشر حتى قبيل الحرب العالمية الثانية. وأما خطؤها الأعظم.. لما سلمت العالم للقوية الفتية العملاقة أمريكا.
***
الواقع
أمريكا حاولت أن ترث الإمبراطورية البريطانية، إلا أنها قوة هائلة ومراهقة خالية من الحكمة، قال هذا الكلام ونستون تشرشل. مع موافقتي مع تشرشل الذي عرف من البداية أنه محتاج إلى أمريكا أثناء الحرب وعرف أن هذا الاحتياج ستدفعه الإمبراطورية غاليا فيما بعد. أول الأثمان فقدان شعبيته الهائلة فخسر رئاسة الوزارة بعد الحرب الثانية التي خرج منها بطلا متوجا، ومنتصرا أسطوريا، وبشعبية غامرة في بريطانيا. وفي الشرق الأوسط ندفع الثمن الآن من جراء سياسات بريطانية يحصدها الأمريكان على حسابنا.. وأيضا يحترقون بها. عملت بريطانيا على تفكيك أهم مستعمراتها على الإطلاق، الأمة التي بقيت قرونا تعرف بالهند، فتنتهي مقسمة في عام 1948 إلى هند كبرى هندوكية، وهند إسلامية هي باكستان بقسميها، باكستان الغربية "باكستان الحالية" وباكستان الشرقية "التي ثارت فيما بعد وانفصلت لتكون بنجلادش الحالية" ولاحظ أن العام نفسه الذي قسمت فيه أمة الهند هو العام الذي كرس فيه البريطانيون دولة إسرائيل، العام الذي بدأ فيه شتات أهلنا بفلسطين.. ما زالت أمة الهند تدفع الثمن ويتزايد، وما زلنا ندفع الثمن ويتزايد. برأيي أن الساسة الكبار وصناع السلام الأممي لا بد لهم لحل أي مشكلة الرجوع لجذور ومسببات المشكلات السياسية ويبدؤون الحل من هناك. الذي يصعب ويعقد الحلول التفكير من حيث انتهت المشكلات، والأصح التقاط النفس والعقل والعلم ليعودوا لأول بدء المشكلة.
***
كتاب الأسبوع
كتاب مذهل؛ وبطلة الكتاب مذهلة أكثر. نعرف لورنس العرب كمحرك للثورة العربية في أوائل القرن العشرين، وقرأنا عنه، وما زال هناك غموض بدوره الحقيقي كجاسوس للأمة البريطانية فيما يعرف الآن بالشرق الأوسط، وقرأت أنه كان داهية منحرفا خدع حتى استخبارات بلاده لمآرب وصفات شخصية أعفّ عن ذكرها أمامكم. ثم أنه تخلى عن مهمته العربية حتى مات الميتة التي نعرفها بدراجته النارية. وكتابنا اليوم بعنوان "ملكة الصحراء The DesertThe Queen of لمؤلفته جورجينا هويل. هذه الملكة أو البطلة هي أهم من لورنس عدة مرات ولكن لم نعرف عنها الكثير أو لم نحاول، أسهمت في بناء دول في الشرق الأوسط، منها العراق الحديثة وهي من ثبتت الملك فيصل عاهلا على العراق. وهي محبة للعرب، كما يظهر لنا على الأقل، حتى قال عنها بمخيم قرب مأدبا الأردنية شيخ قبيلة بني شاكر العربية: "ما شاء الله، إنها بنت عرب حقيقية". تلك المرأة العظيمة المواهب هي "جيرترود بيل" وكانت أنثروبولوجية، ومؤرخة، وجغرافية، ومتسلقة جبال، وشاعرة ومصورة، وعالمة نبات، وعالمة آثار، وعالمة ألسنيات. وبكل هذه الوجوه المعرفية برعت بكل حقل، بل كانت من رواد كل هذه المعارف؛ حتى قالت عنها إليزابيث الأولى والملكة كاترين الروسية ولورنس نفسه: "إنها موهوبة بشكل لا حد له ولا ينافسها بذلك أحد". لا نعرف إلا القليل عن هذه المرأة العظيمة وتعلقها بالعرب حتى آخر نفس في حياتها، على نقيض لورنس. تركت عائلتها وأحلامها للزواج وبناء عائلة للاستقرار بيوركشاير، لماذا؟ كما قالت: "ضحيت بكل ذلك من أجل ناسي My people"من هم ناسها؟ هم العرب. ما دور هذه السيدة بأحداث الشرق الأوسط؟ أسهمت في تكوين دول. هل كانت جاسوسة لبريطانيا؟ نعم.. هذه هي الحقيقة!
***
والمهم
لا تضع قدما على درجة السلم للأعلى، بدون أن تعرف حق المعرفة الأرض التي يستند إليها السلم.. هذه الأرض هي تاريخك!