مقتطفات السبت 70

سنة النشر : 19/12/2015 الصحيفة : الاقتصادية


* أهلا بكم في مقتطفات السبت رقم 70

* حافز السبت:

كي تغير أمرا إلى الأحسن، تحتاج إلى الطريقة المثلى التي تجعلك تدرك من أين تبدأ. كلما اتضحت الرؤية من أين البداية، بدقة وشفافية، فستكون خطة التغير أكبر كفاءة، وأفضل نتيجة.

***

* الرأي:

الاجتماع الذي تم في الأسبوع الماضي بالرياض تحت مظلة مشروع تغييري مفصلي بتاريخ المملكة الحاضر باسم ورش عمل "التحول الوطني" يفتح أهم بداية لأي أمة تريد أن تتقدم. والتغيير لا يعني الانطباع السائد أن هناك شيئا غير محمود يراد به الانتقال إلى أمر محمود. التغيير يعني بمعناه الأصح هو الانتقال من مكان كان مناسبا إلى مكان آخر أكثر مناسبة. التغير والتغيير هو أمر حتمي في حياة الأمم كما هو في حياة كل كائن حي، والحكمة الكبرى التي تمايز القدرة على التفوق والبقاء والقدرة على المنافسة في عالم تصب من فوهاته حمم المنافسة هي مدى ذكاء الاستجابة. نظرية التحدي والاستجابة هي التي تحكم آلية الإيقاع التطوري والتغيري منذ أن بدأ الإنسان يواجه قدره الذي شاء الله له، ولم يتركه أعزل، بل منحه أهم وأقوى آلية كونية: العقل. والعقل النشط القادر على تبني التغير ومجاراة الظروف بل التفوق عليها هو العقل الذي يسأل. ذلك الاجتماع الذي ضم عقولا مختارة من طيوف الأمة هو فعلا التفكير في السؤال، وهو لب العملية العقلية وثمرتها. فالأسئلة التي تطرحها أي أمة على نفسها نحو الأمل في التغير لمكان أفضل و"مناسب" مع ظروف متغيرة سِمَتها التحديات الكبرى تضيء مساحاتِ الحلول والخيارات وتسهم في فهم وإدارة التغيرات التي تواجهنا لتكون موجات نعتليها بدل أن تكون موجات تغطينا وتطمرنا. قوة الأسئلة هي من قوة العقل، وتُحمد الظروف الصعبة لأنها هي التي تجعل العقل يمارس قدرته التي خلقه الله من أجلها، والأمم والمجتمعات والأفراد الذين ركنوا لقوة العقل بقوة التفكير في الأسئلة الصريحة الشفافة والدقيقة كانت الظروف القاسية الباعث الكبير لتقدمهم. إن كان هناك أي نوع من الكسل مقبول، فليس هناك كسل مقبول، إلا كسل العقل؛ فقبوله يعني.. هزيمة النفس قبل أي هزيمة من الخارج.

وأظن بإذن الله أن ذاك الملتقى البداية الصحيحة للتغيير.

***

* شخصية الأسبوع:

أماني المنصور شغلت الشبكات الاجتماعية في الأيام الأخيرة. وأماني المنصور من البطلات اللاتي يمكن أن تكون بعنوان كبير في أي صحيفة بالعالم لأي شخص يقوم بما قامت به المعلمة أماني. أماني المنصور قامت بعمل من أجل الأعمال إن لم يكن أجلها، في إنقاذ أرواح من موت كان يطل على معلمات يتنقلن كل يوم مئات الكيلومترات لعملهن من مقار إقامتهن. كان يفصل بينهن وبين الموت أقل من ثوان لولا لطف الله ورحمته، ثم بما أودعه في قلب المعلمة أماني المنصور للاستجابة اللحظية لأصعب موقف بحياتها.. على الإطلاق. فجأة توفَّي سائقُ السيارة التي بها أماني وزميلاتها، وشعرت أماني باصطدامات جانبية بلوحات إرشادية بكتف الطريق، وتأرجح مفزع بسرعة عالية. يقول لي أخوها علي المنصور إن أماني ليست من النوع الصلب، ولا هي تعرف أي شيء عن قيادة السيارة، ولم تجد نفسها بإلهامات الرحمة إلا وهي تقفز من كرسيها خلف كرسي السائق المتوفى، وتحاول رفع رجله من دواسة التسارع وفشلت لثقلها، فأطفأت السيارة وقادتها والشاحنات تقابلها في الطريق الضيق ذي الخط الواحد المزدوج وكأنها نذر الموت، فتميل بالسيارة نحو الكتف الأيمن حتى توقفت السيارة بأمان. وأماني بعد عمل من أروع أعمال الشجاعة، وقعت تحت تأثير الصدمة بعد ساعات من الحادثة وكأنها لتوها تعي الهول الذي واجهته. إن أقل ما يمكن أن نشكر به أماني هو العمل على نقل مقر عملها لمقر سكنها. هذا أقل شيء نقدمه لابنة من بناتنا أنقذت بعد مشيئة الله أرواحا من الموت. أقل شيء!

***

* والمهم:

التفكير في السؤال هو مفتاح بوابات التطوير، والتجديد، والإبداع .. والإلهام.