مقتطفات السبت 55

سنة النشر : 01/08/2015 الصحيفة : الاقتصادية

 

* أهلا بكم في مقتطفات السبت 55

***

* حافز السبت:

من الأكثر عداوة لمعنى الوجود الإنساني، فقدان الذاكرة. لذا عندما نهتم كثيرا بمصابي الزهايمر.. علينا أن نهتم أكثر.

***

* الرأي:

الذاكرة ليست كمبيوترا. الذاكرة جهاز خفي عميق عظيم بسراديب وتشعبات كهفية تحتية، وتغضنات ودروب ملتوية خارجية، تخزن فيها كل ما يمر علينا في أقل من لحظة من حياتنا وتبني عنصرا عظيما يقيم أودنا، ويعزز بشريتنا، ويعيننا على التطور والبقاء والاختراع والنجاة والتغير والتغيير. وللذاكرة روح لا نعرف ماهيتها إلا أنها من قدرة الخالق كما سر الأرواح بالأبدان. روح تجعلك تتذكر شيئا تلقائيا ولم تستدعه استدعاء من أرشيف الذاكرة، وتقرر أن تخونك في لحظة مهمة بمسار حياتك فتضيع منك معلومة لطالما طفت سهلة في المتناول السريع على رف الذاكرة. هناك صراع بين الوجدان الواعي وبين الذاكرة الخفية، وهذا الصراع هو في قوة استدعاء المعلومة المخزنة وفي قوة أثرها العاطفي أو الفكري. علماء كثيرون تفرغوا لعلم الذاكرة وقالوا لنا بعد رحلة شاقة غير مؤكدة إن علينا أن نطبق تمارين ذهنية، وأدوية نباتية، وكيميائية لتقوية الذاكرة. علينا أن "نتذكر" دوما أن الذاكرة هي وعاء حياتنا، وهذا الذي يجعل إعطاء الوعود من أخطر المهام، والارتباط بالموعد من مقررات قوة وضعف الارتباط مع الآخرين.

***

* الموضوع:

لا ينسى الناس شركة الكهرباء في حالة خذلانها لهم عند ضغط زر الضوء. وقد يتذكرونها ولا يتذكرونها والضوء يصب بعد إدارة المفتاح، كما يتذكر المختنق الهواء بشدة، وتغفل ذاكرته قليلا أو طويلا عنه وهو يتنسمه بانسياب. في مشهد من مشاهد كافكا - ونفسيته تحتاج لتيار الإنارة، فهي نفسية عبقرية معتمة- يغير بطل قصته المثل الشهير "الخبز قبل الحب أحيانا".. بِـ"الكهرباء قبل الحب أحيانا". فعظم أهمية الكهرباء في حياة كل فرد لا يحتاج شرحا كما لا تحتاجها الشمس في رائعة النهار. شركة الكهرباء السعودية شركة عملاقة جدا.. ووحيدة. والتنافس مع النفس إما يدعو للتراخي، أو يدعو لمنافسة منافس غير مرئي هو الطموح الذي لا تقف مولداته. لذا يهم الناس ألا تقف المولدات. في شركة الكهرباء الآن مشاريع كبرى ستضعها كما قرأت في مراجع هذه الصناعة ضمن أكبر خمس شركات في العالم، وسمعنا من رئيسها وكبار مسؤوليها أنهم وضعوا الطموح برنامجا صعبا ومتحديا كي يصلوا لهدف ليس سهلا على الإطلاق، وعنصرا المعادلة لهذا الطموح آخر ما وصلت له التقنية زائدا إعداد العقول السعودية. الشركة تعِد الناسَ أنها تلاحق التطور لآخر مظانه، وذاكرة الناس لن تنسى ذلك. التروس التي تدور الآن بسرعة وبأقصى قوتها إن استمرت ولم تثلم أطرافها فإن الشركة لن تذهل العالم فقط، بل ستذهل نفسها. متى عرف المواطن أن ذلك له، من أجله، فهو على استعداد للانتظار.. وسيتذكر مدة الانتظار.

***

* شخصية الأسبوع:

جمعتني أكثر من جلسة أخوية مع المهندس الباسم الروح الغزير في تخصصه منصور القحطاني. لن أتطرق لمنصور القحطاني كرجل من كبار مسؤولي شركة الكهرباء، ولكن لكونه مواطنا. ولما تحدثنا معا عن الشركة كان القاسم المشترك أنه وأنا نحمل صفة واحدة؛ صفة مواطن. متى أقصى المسؤول نفسه عن إلصاق المصلحة التي يعمل بها بشخصه وتعامل بشعور ومكان من ستنتهي عنده الخدمة ستنمو ألمع وأنبغ عناصر نجاحه. المهندس القحطاني من أكثر من يعرف هذا العمل الدينامي الذي يثور في أرجاء شركة الكهرباء (ووددناها شركات.. وربما تكون) لبناء شركة عصرية عملاقة تتقدم مع كبريات شركات صناعة الكهرباء بالعالم. على أن هذا كله سيكون بلا ألـق حقيقي عندما لا يشعر المواطن أن هذه شركته هو ويجب أن يعلم عما يدور بها بشفافية لا كمتلق للخدمة فقط، بل كأحد أصحابها، وهنا يتفهم نجاحاتها ويفخر ويسعد بها، كما سيتفهم معاناتها ويصبر حتى تُحل مغاليقها، بشرط أن يكون هو المحور كمواطن، ومسؤولو الشركة يساوونه بهذه المواطنة. هي رغبة بذاكرة المهندس القحطاني.. وأرجو ألا تفلت من ذاكرته.

***

* " الدبلوماسي المحنك هو من يتذكر يوم ميلاد زوجته، ولا يتذكر كم عمرها!". من قائل هذا؟ من؟.. نسيت!