مقتطفات السبت 32

سنة النشر : 22/11/2014 الصحيفة : الاقتصادية

 

* أهلا بكم في مقتطفات السبت 32

* * *

* حافز السبت:

نولد بلا حول ولا طول، وأول ما يدركه وعينا أننا وحيدون، لذا نحتاج جدا لكي تستمر حياتنا إلى الآخرين. نحتاج إليهم ماديا وعاطفيا ومعرفياً، نحتاج إليهم لنعرف أي شيء.. حتى معرفة أنفسنا.

* * *

* رأي السبت: الجدية.. ثم الجدية:

عندما يتطلب الأمر أن تكون جادا، فكن جادا. أن تكون جادا هو أن تؤمن أن الطريق للفوز هو أن تسير على طريق اسمه الجدية لا تحيد عنه قيد أنملة، بينما أنت تسير لهدفك. لك أن تمرح وتضحك وتسخر وتتمتع كما تشاء، ولكن في محطات الاستراحة على الطريق. كنت أشاهد الفريق العماني، ضد الفريق الكويتي ذي السمعة المدوية بالانتصارات، وكان يستحق ذلك. لمّا كان جاداً منضبطا لم يذهل الخليج، بل كان يذهل الناس في الدورات القارية. العمانيون عرفوا أن الجدية هي الانضباط كعرقبي ساعة، وأن الفوز لساعة الرملية يتسرب لنهاية محتومة، وأن هذا الوقت المتاح كي تنتصر به لا سلاح له إلا الجدية. وأنا أشاهدهم على الساحة رأيت تطبيقاً واقعيا قويا بأن كل لاعب بحاجة إلى الآخر كي ينتصر، فكان التعاون بالتمريرات خصوصا قبل الصندوق مدهشا بخلع الأنانية والاستعراض، كان واضحا أن المهم ليس أن يسجل اللاعبُ بل أين يمرّر الكرة لأقرب زميلٍ في موقع أفضل للتسديد على المرمى. لم يكن الكويتيون بلا مهارة، بل كانوا بلا تلك الروح الزرقاء التي تجري في عروقهم.. للحظةٍ فقدوها. فقدوا الجدية، ففقدوا الانتصار، وذاقوا طعما لم أتمناه لهم أبدا.. حنظل الهزيمة وعسر هضمها. قد يقطف العمانيون الكأس وقد لا يفعلون، ولكنهم كسبوا جائزة فوزٍ سامية: الجدية.

* * *

* شخصية الأسبوع: تراه عادياً. موظفٌ عادي، طريقة عادية في التعامل والكلام، وكأنه ابن حيك، أو ابن جيرانك تعرفه مذ عرفت نفسك، هذا ما سيوحيه لك فؤاد الذرمان.. الموظف العادي في "أرامكو". تغطي هذه العادية أنهارا ومصبات، أعمالا وإنجازات. وستعرف أنه موظف غير عادي لشركة غير عادية، بمهمة غير عادية. "فؤاد الذرمان" شخصية جادة بكل المقاييس يعرف أنه وحيدا لن تسعفه جديته ولا براعته، فاستعان بفريق عمل أعرفهم واحدا واحدا، واحدة واحدة. الشيء الذي لفتني أني لم أسمع من أي واحد منهم: "طيب دعني أعود لرئيسي فؤاد ثم أعود إليك"، كما تسمع في أي إدارة كبرى أو صغرى. إنهم يقررون في لحظتهم، ولو أردتَ شيئا منهم يستحق العودة للرئيس فهم يأخذونه بلحظته. هذه الطريقة التي آمن بها فؤاد الذرمان أظهر براعة أفراد فريقه ومهارتهم وذكائهم كأطيار طليقة لا تحب العودة للأرض مرارا. لذا، فلا عجب أن يكون "مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي" في الظهران أيقونة للمعرفة وصناعة الذكاء لهذه البلاد، وسيكون للعرب.. وللعالم.

* * *

* هل هناك صدفة محضة في الاكتشافات العلمية التي تغير حياة البشرية؟ نعم.. ولكن. لا تكون الصدفة اكتشافا وكشفا إلا في ملاحظات وعمل جاد كما اكتُشِفَ البنسلينُ مثلا من ضمن تجارب جادة مضنية قام بها "فلِمِنْغ" لسنوات. وقصة "المايكرويف" الذي يحمّي الطعام بسرعة بارقة بتهييج الماء وباقي جزئيات الطعام. تقنية المايكرويف واحدة من أكثر قصص الصدف العلمية تشويقا. العالم في شركة ريثيون "بيرسي سبنسر" وضع لوحَ شوكولاتة في جيبه "مبسوطاً" أنه سيأكله في وقت فراغه. وهو يبحث في تطوير الرادار وقف عند أنبوب فراغ إلكتروني الذي يولد موجات رادوية عالية، فلاحظ أن الشوكولاتة التي بجيبه ساحت، صحيح أنه ضاق صدره لفقده شوكلاتته اللذيذة واتسّاخ معطفه الأبيض.. لكنه اكتشف المايكرويف الذي غير مطابخ المنازل والمطاعم في كل العالم.

* * *

* والمهم: الجدية والنجاح أمامكم.. والهزل والفشل من خلفكم. لكل واحدٍ منا حرية الاختيار.. ونتيجة المصير.

في أمان الله.