سنة النشر : 17/10/2014 الصحيفة : الاقتصادية
- أهلا بكم في مقتطفات السبت رقم 28
***
- حافز السبت: "رحم اللهُ رجلاً سمحاً إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى". حديثٌ نبوي.
***
- سأنشغل اليوم بسؤال أحمد الطريف الذي يقول فيه: "ما زلت أشك في نهضة العرب وأنهم ما كانوا إلا قنطرة، كما قرأت لأكثر من فيلسوف ومفكر. فأرجو التركيز على ما يفيد حول أن العرب مؤثرون وليسوا ناقلين، وأتوقع منك الاستشهاد بالرأي الغربي المحايد لا العربي الإسلامي".
***
- دعني أقول لك شيئا في أول الحديث. إن سبب هذه الغيبوبة عن الحضارة العلمية العربية نحن. انشغلنا كثيرا بإحياء تراثنا الأدبي والفلسفي الأثيولوجي، وليس هذا عيبا. والعيب أننا نمنا دهورا عن إحياء تراثنا العلمي. وسأتطرق إلى عدة كتب لم تعد تذكرها ذاكرة القرن الحادي والعشرين، إنما من أوائل القرن العشرين وأواسطه، لما كان الإسلامُ ليس ظاهرا ولا العرب كما هو الحال الآن، ولن أتطرق إلى كتب جديدة مثل كتاب "بيت الحكمة The House of Wisdom" لأني تطرقت له ولغيره كثيرا، ولأنه كان نتيجة لحضور الإسلام القوي بعد حادثة 11 أيلول (سبتمبر). بينما الكتب القديمة كانت مبادِرة وليست نتيجة.
***
- فيلسوف شهير مثل "برك" منذ أكثر من 60 سنة في كتابه "عرب الأمس والغد" اعتبر أن الطابع الذي ميز الحضارة العربية أنها لم تطبق القول الشهير لِـ "لوثر" المصلح المسيحي حين قال: "دعْ السماءَ تكون سماءً، والأرضَ أرضا" فالعربُ في سبيل الفكر المادي لم يتخلوا عن المبعث الروحي وتوازنا في الحضارة العربية – كما يقول "برك"- كما لم تستطع أي حضارة في العالم، فتوازنت النفوس، حتى نفوس العلماء أنفسهم. ويقول إنهم في العصر الذهبي كانوا يناقشون المسألة السماوية باقتدار ذهني ليس له أي وجود ولا منافس في أي دين أو معتقد في كل التاريخ. وحين يبحثون في العلم خصوصا في الفيزياء والكيمياء والرياضيات وهندسة الفلك يقدمون نظريات وقوانين لم يسبقهم بها أحد.. وتجد دوما ذلك الإيمان والاطمئنان الروحيين.
***
- وعندما تكلم الفرنسي سيديو "Sedillov" في كتابه عن تاريخ العرب، ذكر دار الحكمة في بغداد، وقال: "إن ما يميز مدرسة بغداد الروح العلمية الحقيقية التي تسود في كل أعمالها. فالمضي من المعلوم للمجهول وملاحظة الظواهر ملاحظة دقيقة من أجل الصعود بعد ذلك بالنتائج إلى الأسباب ورفض أي شيء لا يؤيد بالتجربة، كلها مبادئ آمن بها كبار أساتذة دار الحكمة". وترى أن هذه هي النزعة التجريبية عند "بيكون" أبي النزعة التجريبية في الغرب بالتمام والكمال.
***
- شخصية الأسبوع: أعجبني من أول ما وقعت عيناي على وجهه السارح دوما، بتلك البسمة المترددة، وبعينين تشقان أفقاً فكرياً يطفو به وحيدا. الأستاذ "منصور عبد الله أبا الخيل"، خريج جامعة كانساس منذ عام 1978م، لم يلفتني فقط بتلك الملامح والشخصية القريبة المتقربة للناس، بل بقدرته الثقافية بالمعرفة الحضارية. الرجل خريج اقتصاد، ومعظم طريق تجربته وخبرته العملية في المصارف والبنوك.. فهو عقل اقتصادي متميز وليس هذا غير متوقع، غير المتوقع هو أن يكون عميق الثقافة في الأدب والفكر العالميين، ولطالما وجهني وصححني في هذا المضمون بطريقته المحببة المتواضعة، وهو يناصح ويعلم ويوجه، حريصا ألا ينتبه الآخرون، لأنه لا يستعرض بل يُصْدِق النصح. عضو الشورى السابق "أبا الخيل" كان بشهادة زملائه مميزا بمداخلاته وأفكاره وطروحاته، وكان مع ذلك مقلا لا يعرف الثرثرة، وكأنه يزن الكلمة، كمعلمي دار الحكمة، بميزان المنطق.
***
- والمهم: قال "جيب" في كتابه "الاتجاهات الحديثة في الإسلام": "العرب هم سادة وأول من طبق المذهب العلمي التجريبي، سابقين بذلك كل الحضارات.. ومنهم اليونان والرومان".
في أمان الله