سنة النشر : 29/08/2014 الصحيفة : الاقتصادية
* أهلاً بكم في مقتطفات السبت رقم 22
***
* حافز السبت: تأملوا أياديكم.. أعظم آلة حركية في الكون، غيرت العالم وجعلت الإنسان إنسانا. عندما تعرف إعجاز خلق هذه اليد، حاذروا أن تضعوها فيما يفسد معجزتها التي خُلقت من أجلها.. للخير العميم، لإعمار الدنيا!
***
* "إن العين سالبة والإذن سالبة"، قرأتها في صغري، ولا أنساها، في عدد قديم من مجلة العربي الكويتية من مقتنيات أحد أعمامي، قالها الحبر العالم الكيميائي والحيوي والأنثربولوجي والأديب والمفكر الذي في رأيي كان فريد زمانه، واخترع لنفسه لغة عربية بنمط خاص آسر يختلف عن كل أسلوب قرأته لأي مفكر أو أديب، فهو يغرم بالتقديم والتأخير والتركيز على جُمَل الحال وتعريب أي كلمة أجنبية اشتقاقاً أو تركيبا، وكان عضواً في مجمع اللغة العربية، وهو الدكتور "أحمد زكي" الذي رأس مجلة العربي الكويتية، وهو مؤسسها الحقيقي، فكانت أول وأكبر مجلة عقلية علمية أدبية في العالم العربي من الخمسينيات حتى أول السبعينيات حين توفاه الله. أتي بعده الشهير أحمد بهاء الدين، ولم يكن إلا أديبا ومفكرا مطبوعا، وليس عالما موسوعيا في العلوم مثل أحمد زكي، الذي قدم في "العربي" أول شرح مفصل عن الذرّة وفكك داخل الذرة وكأنه يتكلم عن علم النانو ــ دقائق الدقائق ــ الذي لم يظهر بعد بهذا الاسم في وقته. وشرح مفصلا عمل المفاعل النووي فعرفنا الماء الثقيل منه، وتخصيب اليورانيوم، مما أزعج جولدا مائير شمطاء إسرائيل، وأبا أيبان شيطان المذابح، وقيل إن إسرائيل حاولت اغتياله في لندن في الستينيات، ولا دليل أكيد. تلك الجملة لماذا قالها العقل الفخم العربي المصري أحمد زكي؟ لم يقلها عبثا..
***
* إن العين تأخذ صورا، وهو أهم دور تقوم عليه العملية الذهنية، والأذن تأخذ أصواتا وأنغاما فهي الجسر مع العالم الخارجي، فكل شيء في هذا الوجود له صوتٌ يميزه، ويعطيه هويته. هذه المنظورات والمسموعات سلبية ــ بشكل إيجابي ــ فهي ترسل للدماغ الذي يصدر أوامرَه بالعمل، واليد في الجسم أول ما يعمل، آلة الإنسان الكبرى التي أتقنت إتقانا يحير أكبر عقل على الأرض. الإنسانُ ساد هذا الكوكب بيده.. العقلُ الآمر، واللسانُ المعبر، واليدُ تعمل.. وهنا تفوقنا، بأمر الله، على كل المخلوقات.
***
* الآن افتحوا أياديكم وتأملوا. في اليد الواحدة أكثر من 50 عضلة و30 مفصلا ونقاطا تدور عظامها عليها، وبهذه جميعا تقوم اليد بعدد لا حصر له من الأوضاع والحركات، يزيدها ما يؤديه الرسغ والمرفق ومفصل الكتف.. ياه، انظروا لأكمل تنسيق. وأكثر ما هيأ لليد كل هذا هو الإبهامُ، أنظروا لهذا الأصبع القصير السميك القوي، إنه مختلف فهو يدور ليتهيأ لملاقاة الأصابع جميعاً أو أي أصبعٍ لوحده. للقرود في أياديها إبهامٌ مثلنا لكنها لا تستطيع المقابلة. نحن الأرقى خلقاً على الإطلاق.
***
* قرأت في جريدة الشعب اليومية الصينية China's People's Daily في عام 2010، أن "طالبان" دربوا القرود على تقصي الألغام ثم تنفجر فيهم، الأغرب أنهم كما تقول الجريدة دربوهم على البندقية الرشاش، وهذا مستحيل لأن الإبهام في القردة لا يدور على الأيادي كما يد الإنسان على الزند.. وقلت بنفسي: "واعيباه، حتى القرود دُربت على الرشاش، ومعظمنا لم يمسك رشاشا في حياته!".. هذه قصة أخرى.
***
* احذروا أن تضعوا أياديكم في ارتكاب الفساد والحرام، إن اللهَ خصَّ أكبر عدو للإسلام "أبا لهب"، فكان أبلغ وأقوى دعاء:
"تبت يدا أبي لهب وتب".
في أمان الله.