مقتطفات السبت 20

سنة النشر : 16/08/2014 الصحيفة : الاقتصادية

 

* أهلا بكم في مقتطفات السبت رقم 20

***

* حافز السبت: اسمع نصائح من تعتقد أنهم من الناصحين، واقرأ، وفكر، وتأمل.. وبعد ذاك، لأنك لك شخصية وطريقة لا بد أن تختلف عن الآخرين.. اتبع قلبك.

***

* معرض إثراء: جاءت فترة تعرضت فيها شركة أرامكو لكثير من النقد لقلة تعاملها مع الشأن الاجتماعي.. وحتى ذاك النقد لم يكن صحيحا صحة كاملة، فقد كانت "أرامكو" في الخمسينيات حتى أواخر السبعينيات في كل غرض اجتماعي في المنطقة الشرقية بالذات، والأخص المدن التي فيها مناطقها التشغيلية كرأس تنورة وبقيق والظهران، مع الخبر والدمام. حتى إن أمرا لا نعلمه بدقة حصل وانحسرت "أرامكو" بشأنها العملي الفني والاقتصادي. هل كانت "أرامكو" تبيت شيئا؟! ثم تحركت "أرامكو" فكريا بوجود رئيسها السابق المثقف والمفكر المهندس عبدالله جمعة "الذي أذهلني أكثر من أي مرة بدراسة تحليلية عن ملحمة جلجامش السومرية ــ التي اختلطت مع الأكادية عنصرا وإثنية ولغة ــ وتعرض لها جمعة قليلا، ولكنه أبحر بقدرة الناقد التحليلي الذي يعيد ترتيب العناصر ــ بعيدا عن البنيوية أو التفكيكية ــ في المعرض المقام لـ "إثراء" في الرياض حاليا. ويكون ــ بحد علمي ــ أول رئيس شركة نفطية في التاريخ يقدم دراسة تاريخية أدبية شبه أسطورية" وزامنَ المهندسَ عبدالله جمعة رجلُ فكرٍ فخم هو الأستاذ المثقف طبعا وتلقائية "محمد الطحلاوي"، وكان عهد قيادته للعلاقات العامة للشركة العملاقة محفلا فكريا وحفلا اجتماعيا. في هذا العهد الجديد من "أرامكو" جاء مشروع الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي في الظهران، الذي يُبنى بهندسةٍ عصرية تلامس تخومَ الخيالِ العلمي.. العبقريةُ هنا أن القائمين على "أرامكو" في هذا المشروع بقيادة رئيسها الحالي المهندس خالد الفالح، بدأت بأعمالٍ على الأرض قبل انتهاء المبنى توازي أهمية المشروع نفسه أو تزيد. وهنا جاء لقيادة خاصة في المشروع الفكري العالمي البالغ الطموح لواحدٍ من نوادر الناس، لأنه يحمل ما اسميها بالثقافة النبيلة، وهو الصديق والأخ الذي أعتز به "فؤاد الضرمان".. ويشرف على المعرض ونشاطات الأرض الصديق صاحب العقل العلمي البحت والفكر والأدب الصرفين.. مُزجا معا، الدكتور خالد اليحيا. وهنا بزغت "أرامكو" شمسا ساطعة في السماء الفكرية والاجتماعية بعد ما كنا نعتقد أنه سبات شتوي.

***

* أنثربولوجيا السلوك: وتراني أقول إن مشروع معارض إثراء "اجتماعي"، فوق طبيعته التثقيفية العلمية البارعة. في بعض الأعمال أشياءٌ مهمة نراها ونلمسها ماديا، وأشياء كبرى ناتجة عنها قد لا نراها، وربما.. كانت أهم. ألصق نفسي بمعارض إثراء وقد لا يكون هناك وجه حق في ذلك، منذ بدأت. وأذكر قبل خمس سنوات زارني الصديق المجتهد الأستاذ "وائل الملا"، وكان وقتها بمكتب "أرامكو" في الرياض، وناقش أول معرض سيقام في "أرامكو"، واحتياجه لعشرات المتطوعات والمتطوعين. وقام المعرض ببراعة تحت إشراف الأستاذ خالد الرميح رئيس مكتب "أرامكو" في الرياض.. ولكن كانت المشكلة التعامل مع الجماهير التي لم تلتزم بالنظام ويعلو الصراخ والتهجم على الموظفين والمتطوعين.. حتى إن بعضهم غادر المعرض استياء. قبل يومين زرت معرض "إثراء" المقام حاليا في الرياض ولاحظت التغيرَ في السلوك، وطلبت دراسته أنثربولوجيا. كانت الجماهير التي حضرت المعرض برقيّ أي شعبٍ متقدم في العالم. كان الصوتُ النزيهُ سائدا أي بدون ضجيج، والوقوف في الطوابير بلا تذمر ولا شكوى بل بصبر ورضى، ونظافة خيالية ولا حبة رمل في الطرقات، ولا أحد يفكر في رمي شيء، مع تركيزهم باهتمام على ما يحويه المعرض. معنى هذا أن الناسَ في داخلهم حب النظام والانتظام ولكن فقط أن يُوفّر ما سماه الراحل الأنثربولوجي الجغرافي جمال حمدان "عبقرية المكان". ليتنا نوفر عبقرية المكان.. بكل مكان!