سنة النشر : 07/06/2014 الصحيفة : الاقتصادية
- أهلا بكم في مقتطفات السبت رقم 15
***
- حافز السبت: كلما كثرت الحلول سهل الأمرـ فأصعب الحلول لأي موضوع هو عندما لا تملك إلا خيارين.
***
- لا شك أن الحكومة البرازيلية و"فيفا" وعاشقي كرة القدم في العالم يعضون على أصابعهم، وقلوبهم ترجف الآن فيما إذا كان المونديال سيمر بسلام أم سيواجه صعوبات كأداء تحرج البرازيل و"فيفا"، وتحبط آمال مليارات الأعين التي ستنصب على مشاهدة مباريات المحفل الأكبر لأهم وأكبر لعبة شعبية على الأرض. فالمظاهرات لم تقف ضد المنشآت التي تبنيها الحكومة البرازيلية التي تستنزف مليارات الدولارات، في حين أن الأمّة البرازيلية يضربها سوءٌ تخطيطي بالبنى التحتية وعدم توافرها لأكثر من نصف السكان، وانتشار المدن العشوائية وضعف الأداء الصحي والتعليمي والبطالة، وفي جانب آخر تحقق البرازيل نموا صناعيا مدهشا. وزاد الطينَ بلـّةً دخول واحد من أعظم ظواهر اللعبة الفذ "رونالدو" البرازيلي الذي أصنفه لاعب لاعبي الأرض ضد العمل الحكومي منحازا للجماهير المطالبة بضخ الأموال للتنمية التحتية والفوقية لا بملاعب المونديال، ولم تنفع تأكيداتُ الحكومة بأن المناسبة ستعوّض ما صرفته الحكومة، وستحقق عائدا فوق التكلفة. اليوم أعلن موظفو واحدة من أكبر الناقلات الجوية هناك Latma أنهم سيضربون لمدة 48 ساعة ليلة المونديال، وهذا يعني تأخر وصول فرقٍ ومتابعين، ويحدث ربكة أسوأ من كابوس ليلة صيف. ولأن المصاعبَ تأتي تِباعا، أعلنت نقابة عمال قطار الأنفاق في "ساو باولو" إضرابا مفتوحا قبل المونديال بقليل، مما سيسبب كوارث ازدحام مروري مرعب في مدينة تختنق زحاما في الأصل بأكثر من مليوني مركبة في مدينة تعدت العشرين مليونا، وسيمنع وصول الملايين للمدينة من خارجها. كان أمام الحكومة خياران لا ثالث لهما، إما أن تواصل البناء وإما أن تتوقف عنه فتصعبت أمامها الأمور لأنه لا مخرج ثالث. وما زال عضّ الأصابع جارياً!
***
- شخصية السبت: وقعت على حساب في "تويتر" في تطوافي المعتاد على حسابات الآخرين، مقتنعا بقول كاتبي "أوسكار وايلد" الذي كان يقول إن أجمل أنواع النزهات هي التنزه في العقول. وأدهشتني العبارات في تغريدات صاحبة الحساب، وأظن أن حدقتي عينـَي توسعتا أمام القدرة الصياغية الفريدة في التعامل مع المفردة وتقليبها مع خيالٍ مشهدي شاهق لا نوع له إلا أنه أقرب ما يكون لرسومات وكتابات "سلفادور دالي"، التي يعتقد الناس أنها سوريالية ولكنها نوعية سلفادورية خاصة - حالة عقلية نفسية عبقرية - وكذلك كانت المشاهد بعبارات "هيفاء العيد"، فهي تعيد إنتاج بل صنع الكلمات ليس كما اعتاد الآخرون، ولا كما تعودت أن تقرأ، أقول هذا لأني من الذين يؤمنون أن "أرواحا كتابية" تدور بالأرض من البدء وتحل بمن تختار من الناس، وهذه الروح لا يلحقها جنس، فهي لا تتأنث مع النساء، ولا تتذكّر مع الرجال .. إنها جنس حالها، ومن هنا تأتي صفة الكاتب المطبوع. الكاتبة التي تكتب عن الشأن النسائي أو الصحي أو التعليمي، والكاتب الذي يكتب عن الشأن الاقتصادي أو النقدي أو التحليلي هؤلاء ليسوا كتابا من النوع الذين تحل فيهم الروح الكتابية، فهم يتقنون صنعة، أو يؤمنون بمبدأ ثم يتحذون الكتابة وسيلة؛ لذا لا تبقى كتاباتهم فكرا ولا أدبا عبر التاريخ المنقول. أصحاب الروح الكتابية من أيام شعراء الجاهلية، وذاك الذي كتب على صخرة رشيد أيام الفراعنة والبلاطمة، ومن خلفوا أثرا على الكهوف، ومن كتَبوا قصص "الحرب والسلام"، و"زقاق المدق"، و"شقة الحرية"، و"لمن تدق الأجراس"، وقصيدة "أربعاء الرماد"، ورواية "ترمي بشرَر"، هؤلاء هم من حلـّتْ بهم الروحُ الكتابية العبقرية، وتبقى أعمالهم مع تعاقب الأجيال. و"هيفاء" تكتب بالجنس الكتابي هذا.. إنها أحيانا لا تعي ما تكتب لأنه يفلت منها بهذه الانطباعية الفالتة التي لا تملك لها سبيلا للحبس والرد، فهي لا تملك سوى خيارين إما أن تكتب وإما أن تجف. هيفاء لا تمثل كتاباتها لا صفة ولا انعكاسا بالواقع، وأعتقد من سيعرف هيفاء سيتعجب أنها هي من كتبت. هي "حالة كتابية"، نصوصٌ تنتجها الروح الكتابية الهيفائية أظنها لا تدري ما تصنيفها .. كما لا نعلم نحن.