هزائم العرب

سنة النشر : 31/12/2008 الصحيفة : اليوم

 

.. يبدو أن اسرائيلَ استمرأتْ دماءَ الناس في غزة..

وغريبٌ، وبشِعٌ، ولـَع اسرائيل بدماءِ الناس في غزة..

لو كانت تكتفي بذبحهم وشرب دمائهم في الليل لقلنا أنها مثل مصّاصي الدماءِ (الفامبايرز) الذي تقول عنهم الأسطورة أنهم وُجـِدوا في رومانيا، واسرائيل لانجد لها شبَهاً إلا بهذه الحيوانات السائبة التي تستعر فلا تشبع من الدماءِ بالليل وبالنهار..

ولا أحد سيجد دفاعاً ضدّ اتهام اسرائيل بالسُعار..

فهي بعد أن دكّتْ الأرضَ دكّا في أنحاءِ غزة، مدعية أنها مقرّاتٍ لحماس، ويتضح فيما بعد أنها تضرب منشآتٍ مدنية، وتقتل أبرياءَ وهم سائرون في همِّهم اليومي.. وأطفالا لم يعطوا حتى الوقتَ ليكونوا مع حماس أو غيرها.

إن «حماس» كانت عذرَ اسرائيل لمصّ الدم الفلسطيني، ولم يصدقها العالمُ بأجمعِه.. إلا بعضٌ مِنـّا للأسف..

من يصدق أنه لو لم توجد حماس لصارت اسرائيلُ حمْلاً وديعاً؟ مضحكٌ رغم المرارة!

فاسرائيلُ تقول.. «لا، لم نشبع بعد!»

فالدمُُ الفلسطينيُ متروكٌ ومعروضٌ بلا حمايةٍ من أحد، واسرائيل مُدمنةٌ على الدم.. فما النتيجة؟ ها هي تحدث أمامنا!

والدليلُ أنها لم تنتهِ، أن الجيشَ الاسرائيلي يستعد لإكمال المهمة أرضيا.. يعني أن ما شهدناه من فواجع، إنما هي من المقدمات.. اسرائيل مزمزت الدمَ في الجو، وتستعد للنهش من اللحم على البر..

والعالمُ العربي ينفجر.. الشارعُ ينفجر غضباً، الحكومات تنفجرُ دبلوماسية وسياسة، ولا هذا ينفع، ولا ذاك.. ما زلنا نردّ وكأن الدمَ الفلسطينيَ ينتظر قبل أن ينزف.. أتعرف ما هو عدو النازفين؟ الانتظار. الدمُ النازفُ له ردٌّ واحدٌ فقط: التعويضُ والعمل على الأرض.. العملُ الفوري.

أما القِممُ فأثبتت شيئاً واحداً: انها تنتظر بامتياز.

هذه المرة، الناسُ في الخليج، يتوقعون من قمة مسقط أن تخرج بمشروع سريع موحّد لنصرة غزة وإغاثتها بعيدا عن أي أجنداتٍ تتكئ على فصائل وأطياف العمل السياسي الفلسطيني، ليكون القصدُ الأوحدُ هو وقف النزيف.. لا قبل ولا بعد.

ولمّا عرفنا أن القادة الخليجيين عازمون على الخروج بخطةٍ واحدةٍ لتكون رأيَهم الواحدَ في القمةِ العربيةِ الطارئة، استبشرنا تغييراً.. وأملنا فرَجا. ونتوقع من القادةِ أن يمضوا بخطتهم لاغاثة غزة، حتى لو اعترضتْ المطباتُ العربية السياسية الطريقَ.. لا وقت للمطبّات، لا وقت للوقوف.. من يركب فحياهُ الله، ومن لا يريد، فغير مسموحٍ له بإيقاف العربة!

قالوا عن الخليج وقادته الكثير، ووِصفوا بصفاتٍ كثيرة، وحمِّلوا مسئولية هزائم العرب.. لأن الخليجيين يراعون هذا، ويراعون ذاك، ثم تنقلب عليهم الآراءُ، وكأنهم الجدار القصير.

ولا يجب الردّ على من يشتم أو يقل أدبه.. قلنا: لا وقت.

سيأتي الردُّ الأقوى والأجدى بالمضيِّ في خطةٍ سريعة لإيقاف اسرائيل، وإنقاذ الفسطينيين.. خطة خليجية موحدة خالصة لله ثم لأهل غزة بلا أغراضٍ خفية أو مكشوفة.. والخليج لا يحتاج الأجندات المشروطة، لأن أهلَ الخليج وقادته يخافون الله.

أثبتتْ الأيامُ أن الخوفَ من الآخرين لا يفيدُ إلا في زيادة الخوف..