سنة النشر : 01/05/2014 الصحيفة : اليوم
مرّ عليّ في مكتبي، بالأمس، المهندس عبدالله الشهراني، وسبقتها مكالمة للتعارف عن التطوع؛ لأنه حضر لقاءً قلتُ به إن التطوعَ يشمل كل خدمة ومنفعة في المجتمع بلا حد، إلا مواضيع الأمن الوطني والأمن الداخلي وسياسة الحكم؛ ما عدا ذاك فالدنيا مفتوحة لما يجعل الناس أكثر جمالا، ويصبغ الدنيا بأكثر الألوان رحابة وابتهاجا.
التطوع في معناه الجليل ببساطة، هو أن لديك فائضا، وهذا الفائض لا تريده أن يضيع فتستثمره أجرا عند الله، ثم عملا من أجل إسعاد الناس، وبلا أي مقابل كان، ولا بأي صورةٍ منفعيةٍ كانت. وهنا يكون هذا الفائضُ في النهاية أجمل من الأصل ذاته. هذا الفائض لديك من طاقتك، من علمك، من مالك، من دعمك، ومن تسهيل أمور التطوع والمتطوعين، هو الذي سيوصلنا لسعادة طالما تمنيناها لأنفسنا، وهي السعادة بجوهرها.
والحقيقة أنك لا تصل للسعادة، بل تسير بطريق السعادة، وكلما قطعتَ مسافةً أكبر شعرت بسعادة أكثر.هذه الصحيفة وضعتنا ببراعة على حافة الجبل الآن.. ومن هنا يبدأ التحدي والعمل المهندس عبدالله الشهراني أدهشني بقوة عقله، وذكّرني بموضوع يشغلني جدا هذه الأيام، وهو "صناعة الذكاء" في البلاد، فالرجل الذي دخل علي عاديا، مع الوقت تكشف لي عقله الفخم وكأنه طبقات تزيح عن بعضها البعض، لك أن تتصور أننا تكلمنا عما بعد النانو، وإذا هو مرجع بها ومتصل بعلمائها شخصيا، وتكلمنا عن توسع الكون أو ستاتيكيته -سكونه النسبي- فإذا هو -ما شاء الله- وكأنه حاسوبٌ يعالج معادلة أينشتاين الشهيرة، مما أدخلنا إلى موضوع الطاقة، وأن كل ما بهذا الكون موجات طاقات شاسعة إلى أبعد حد، وضيقة لأقل حد.
قادنا الحديث عن المسألة الغامضة وهي المادة المظلمة في الكون، وعن أكبر معمل ذكاء تقني في الدنيا، وهو ذاك المعمل الكبير تحت طبقات الأرض في سويسرا، وأن لديهم عينة صغيرة من مادة كونية في داخلها طاقة تفجر أضعاف الكوكب، وإذا به قد زارها وناقش علماءها. وزار معامل الشرق والغرب. ذكاءٌ لا ينتهي. ثم عرفت أنه مخترع. كل هذا لماذا؟ لأنه يريد جمعية لتوظيف الذكاء تستظل بجمعية العمل التطوعي. والجمعية تُظلُّ فرقا شبابية حرة في أداءاتها، تحت نظام يحكم الجميع هو نظام الدولة الكبير أولا، ثم الأنظمة المرعية في وزارة الشئون الاجتماعية، وما وُضِع من أنماطٍ مرنةٍ داخلية.
قصة "جمعية العمل التطوعي" والقائمين عليها من شاباتنا وشبابنا ملحمة من النجاح والصعاب معا.. نجحوا مرة وأخفقوا مرات. وتعلموا من تجاربهم، وهم الآن يقودون تجربة كبرى شهدت بها قياداتٌ تطوعية عالمية. اليوم تفخر الجمعية أن هذه الجريدة العريقة "اليوم" تفرد للعمل التطوعي صفحة.. هي البداية المتواضعة جدا -بإذن الله- لأعمال كبرى بالمستقبل القريب.
هذه الصحيفة وضعتنا ببراعة على حافة الجبل الآن.. ومن هنا يبدأ التحدي والعمل.