تطوع الشباب

سنة النشر : 01/07/2010 الصحيفة : اليوم

 

شخصية الشهر

.. “خالد بن فهد ألحازمي”، شخصية كرزمائية جداً، وهو صاحبُ شهرةٍ، وهو صاحبُ سُمْعَة..

فالشهرةُ ليست مِيزة، يمكن أن تمشي بالشارع في عين القيظ وأنت تلبس معطفاً قطبياً فتشتهر، أو تقف وراء ميكرفون بالصدفةِ.. أو بغير صدفةٍ. ليست الشهرة دوماً ميزة، بل أحيانا تكون تماماً النقيض. على أن السمعة هي جوهرة كلّ واحدٍ منا، ولكنها ليست ألماسة صلبة للأسف، إنها هشةٌ قابلةٌ للكسر، وعندما تنكسر فلا تعود تلتئمُ من جديد.. هي أنفس جوهرةٍ يمكن أن يملكها أي إنسان. وخالد صاحبُ سمعة، منذ عرفته، وأنا أعرفه كما أعرف شقيقي محمد، أخاً أصغر، وحبيباً إلى قلبي كمحمد تماما.. قد لا تصدّق هذا، ولن ألومك، ولكنها الحقيقة.. حقيقتي أنا!

على أن خالدا ليس وحيدا كشخصيةٍ للشهر، بل، وهذا من طبائع أصحاب السمعة الناصعة، تراجعَ، ليخرج لنا نجوماً بازغة، وكاملة الإشراق.. بل هم أقمارٌ في ذروةِ التألق.. ولكن لكل نجومٍ، ولكل أقمارٍ سماء تكون القبة العُليا التي تنير بها النجومُ، وتضيءُ الأقمارُ.. أما السماء: أرامكو، وبالتحديد دائرتها الاجتماعية التي بدأت تتوهجُ يوماً بعد يوم، مثل ميلاد نجمةٍ كونيةٍ في سديمٍ تشع فيه النجومُ وسيّارات الكون. وعندما أرادتْ أرامكو أن تكرّس بطلاً ومشرفا على برنامجها للعمل التطوعي ضمن طواقمها لجأتْ للسُمعةِ، لا للشهرة، وكان خالد جديرا، واضحا كهدفٍ لا تخطئه العين، ليكون بطلها..

على أن البطلَ يصنعه أبطالٌ آخرون، وعفواً يا خالد، قد يكونون في أهميته أو حتى أكثر، وهنا قدرة القائد الحقيقي، إما أن يطمسَ ضوءَ الأبطال وراءه ليبدو مثل شجرةِ الآلاس الوحيدة التي تراها في السافانا الأفريقية، أو يكون حديقة تتجاور فيها الورود مشعة، ندية، عطرة.. وتفخر الحديقةُ الغناء بما حوَتْ..

قامت أرامكو باستضافة مجلس العمل التطوعي للشباب، ولا أدري إن كانت تسمح المساحة، لأن شيئاً سآكل نفسي إن لم أقله: لما أرسل لي الشابُ النابه “حاتم أبو علو” نظامَهم للمجلس التطوعي، وأنا في مصر، ومنسَّقٌ أن أكون في محاضرةٍ في واحدةٍ من أعرق جامعاتِها عن العمل البرلماني، شكرتُ ربّي أنها جاءتْ في الوقتِ المناسب فكان المجلسُ موضوع المحاضرة، وجاءتْ، بعد أن انتهيت، دكتورة اسمها “عاتكة” وسألتني إن كان الشبابُ هم الذين قاموا بهذا العمل التنظيمي، قلت لها: نعم.. ردت علي بالمصرية الأكاديمية: “ مش معقول! دا انت بتبالغ.. هذه عملُ من يَعرف في الفقه الدستوري!” ولأول مرة افتخرتُ أن ينعتني أحدٌ ولو بطريقةٍ مهذبة بأني كاذب! فالعمل من جودتِه لا يُصدّق أنه من فعل شباب في مدةٍ قصيرة..

طيّب.. خالد، رحنا نشكره، ولكنه أفصح عن نجومِه، أو أقماره إن شئت: وقال بحماسة: “هؤلاء من عملوا كل شيء، ويعملون لهذا من الساعة السابعة صباحا حتى السابعة مساء”.. ثم زاد: “بل وأكثر!” قدم لي “جنـّات الجصّاص” الهادئة المتوارية، و”علا الرفاعي” الذي بدا أن حماستـَها تسبق تعابيرها، ولم ينسَ عن بعد أماني وشريفة من خدمات مساندة المتطوعين بأرامكو..

وأقول لكم: لما دخلتُ قاعة معرض أرامكو ليلة قبل البارحة.. شعرتُ كمن يدخل معرَضاً للجواهر.. كل من كانوا هناك جواهر شديدة اللمعان؛ عشراتُ الشباب والفتيات من أكثر من 37 من مجاميع العمل التطوعي، يصنعون لأمّتهم تاريخاً مثلهم.. برّاقاً.

كانت لي أمنيةٌ واحدة وقتها: “أين زرّ تجميد الزمن؟!!”