التطوع في الشرقية

سنة النشر : 09/01/2010 الصحيفة : اليوم

 

.. تفخر «جمعية العمل التطوعية بالمنطقة الشرقية» بأن ترتقي بنوعيةٍ تقنيةٍ من الأعمال التطوعية، وربما بزعمي، قد تكون هذه النوعية هي الأولى من نوعها في المملكة، نوعية العمل التطوعي التقني. ونتحدث عن تقنيةٍ كبرى لا تقنية صغرى، أو محدودة الأثر والمدى .. عن نوع من الفتوحات الحاسوبية، عن «الكمبيوتر العملاق».

ونسق لهذا العمل، ويشرف على الفريق السعودي من علماء هندسة النظم من الجنسين، رجلٌ من أبرز عقول المنطقة وأكثرها حِدّةً وانضباطا وصرامة الأستاذ «سعيد الخباز » .. ونشعر بأن الجمعية الناشئة، التي بزغت كبيرة بفضل جهود من يعمل بها قبل أن تكون، قد سمَقـَتْْ معرفيا وتكنولوجيا وعلميا مع هذا المشروع الاستثنائي بكل قياس.

دعني أقرب لك معنى أن يكون الكمبيوتر عملاقا .. أو كما قُرّب إلي من قبل المهندس المستشار في المعلومات محمد الشهري، ولهذا المهندس هيامٌ بالمشروعات الوطنية الكبرى، ومن أكبر ما يُسْهِدُه مثلا مشروعٌ كبير لتشغيل الأفواج الشبابية العائدة من الابتعاث في الخارج .. على أن السيد الشهري انضم مع فرقة الكمبيوتر العملاق، وكانت المكالمة قبل ذلك لما سمع عن المشروع، يقول : إنه سبق أن طرح فكرة الكمبيوتر العملاق، ليس في إعادة أو مبادرة صنع جديدة مركزية، وإنما في استخدام أجهزة موجودة في شبكة واحدة لشركة واحدة ..

طوَّحَ الخيالُ العملي النافذ لدى السيد الشهري في أن يستخدم ما يقارب السبعين ألف جهاز حاسوب شخصي في شركة أرامكو بعد انتهاء الدوام الرسمي لتضم طاقاتها لأداء عمل مستهدف كبير، وتُستخدم لتكون حزمة لعقل واحد يحسب بآلاف مضاعفة، وينفع في قراءة الأرصاد وأي رصد توقعي، ما سيكون مفيداً جداً في الاستعداد لأي تهديدٍ طبيعي، وغيره من المشاريع التي تتطلب دقةً وسرعةً حاسوبية فوق التصور .. يعني كأن قوة آلاف الرجال تجمعت في جسدٍ ماردٍ واحد!

توجه «سعيد الخباز» وفرقته إلى جامعة الملك عبد العزيز في جدة، الذين طلبوا منهم الاجتماع للإطلاع على المشروع، وكان انطباع فريق الجامعة الإعجاب بالعمل، وهم ـ كما أحسب ـ بصدد الموافقة الأخيرة لتبني المشروع مع فرقة الكمبيوتر العملاق، الحاسوبُ السعودي الذي سيكون واحدا من أسرع مائة كمبيوتر على الأرض.

عليّ أن أرسل تحيتَي فخرٍ واعتزازٍ كبيرتين لكل من العالمة «لينا الفنتوخ» التي صّممتْ نظامَ أمن المعلومات بالمشروع، والعالِم «محمد الهويدي» لرئاسته فريق التصميم والتنفيذ، والعالمُ أمين هلال لمتابعة التشغيل وملاءمة البرامج المشغلة للنظام .. وهم لم يطلقوا على أنفِسهم صفة العلماء، وأنا فعلت .. وبفخر!

.. ويتمنى القائمون على المشروع تسميته مشروع «الملك عبد الله للكمبيوتر الشبابي العملاق» تيمُناً باهتمام العاهل بالتقدم العلمي، وتشجيعه أبناءه من الشباب السعودي لاقتحام هذا المجال التقني المتطور . ويشرفني أن أرفع الطلبَ لمقام رائد المعرفة الأول في البلاد لهذا المشروع، وهو الحلمُ والأمنية ليس للعقول التي تبنيه فقط بل لنا كأمة تهدف الى آفاق عليا للمعرفة، مشروع يمكن للفريق الانتهاء من بنائه على مراحل في عامين.

وأقدم شكري لجامعة الملك عبد العزيز ومعالي مديرها، وعميد كلية الهندسة وفريقها العلمي من الأكاديميين العلماء الذين أبدوا تحمسا وتشجيعا للمشروع، وستكون الجامعة ـ متى تحقق المشروع معهم ـ واحدة من عشرين جامعة في العالم تقتني الكمبيوتر العملاق.

لم يعد يحتاج شبابُنا إلا إلى الثقة في أحلامِهم وإعطائهم فرص تحقيقها.