شبكة النجاة

سنة النشر : 25/07/2009 الصحيفة : اليوم

 

.. الحمد للهِ، الآن استقرّ موضوعُ أختنا عائشة الخالدي، فهي في ألمانيا تتلقى العلاج. بدون تهديدٍ ولا مقاطعةِ علاج.. وعسى الله أن يرفعَ عنها ويشفيها ويعيدها لأهلِها سالمة معافاة.

ودعواتُنا متصلةٌ لكل مريضٍ بمرض الرحمة، وموضوعاتهم كثيرة، ومعاناتهم أكثر.. ولكن هناك الله ربّنا جميعا، نعمل وهو يقدر لنا مصائرَنا ونحن بها من الراضين.

وقدّرَ الله لعائشة أن تستقرَّ حالتُها العلاجية جغرافياً ومكانياً على الأقل، وكان هذا هو الأملُ، وتحقـّق. لم يتحقق من وزارةِ الصحةِ، وإنما مِمَن أسميهم «شبكة النجاة»، الشبكة التي ونحن واقعون تلتقطنا كيلا نرتطم بالأرض. هذه الشبكة هي الناسُ، هي الضميرُ الجماعي، هي التساندُ الذي دعانا له دينُنا بأن نكون بنياناً لا يختل.. فالناسُ الطيبون هم الذين كانوا شبكةَ النجاةِ لعائشة، بعد أن أفنى أهلـُها الملايين وتراكمت عليهم القروض.. فجاء الفرسانُ الطيبون للإنقاذ.. وفعلوا. لن يمكنني الإفصاحُ عن الأسماء، فهم أرادوها خالصةً لله، ولكن عائشة تعرفُ وأهلها يعرفون، وربنا يعلم. وكفى.

وهي مناسبةٌ لاقتراح «صندوقٍ أهليّ لمرض الرحمة»، والناسُ كفيلون بإنعاشه، فالحالاتُ كثيرة. والقصة لن تنتهي بعائشة، ولم تكن عائشة هي البداية. ولكني أجدها مناسبةً في عرض اقتراحاتٍ لوزارة الصحة، الذين يجب أن يعززوا من سمعتهم، فالناسُ للأسف بدأت تفقد الثقة بهم، وأنا من الناس الطلاّبين للثناءِ والتركيز على قطرةِ نجاحٍ في بحيرةِ إخفاق.. وزارةُ الصحةِ بخلـَتْ علي حتى في هذه القطرة. قطرة أن يُفصِحوا، فلعل للقصةِ وجهاً آخر، متلمسين لهم العدلَ والأعذار.. أعطيناهم ما رغبنا أن يكونوا عليه.. فخذلونا، أم أنهم خذلوا أنفسهم . لا أدري. ولعل وزارة الصحة تستمع لهذه الاقتراحات بعد تجربةٍ صعبة :

على الوزارة أن تعلم نفسياً أن من يتعالج من مرض الرحمة في بلد متقدم فإنه – أو أنها - لن يتمكن من قبول العودة حتى لو توفر علاجٌ في المملكة، إنها غريزة التمسّكِ بالحياة التي لا تقاوم .. فضلا عن انتقال مريض الرحمة المُنهَك ساعات طويلة برحلة شاقة عبر آلاف الأميال، لذا فهم يستعصون على الملحقيات. أمرٌ طبيعي. * على الوزارة أن تعلم إذن أمّا ألا ترسل مريضَ الرحمة من أصله لوجود علاج في المملكة، أو أنها حين ترسله فلتعلم مسبقاً أنه لن يرجع إلا في حالتين : عند شفائِهِ، أو أن يقضي اللهُ أمراً كان مفعولا.

العنايةُ بهم نفسيّا عندما لا تتحقق المسألتان السابقتان، من أقلِّ حقوقهم أن يُتلطـَّف معهم، ويواسَوْن شخصياً من موظفي الملاحق الصحية، بدل المكابرة والعناد وكأنهم يطاردون فارين من العدالة.. عندما يُقطـَعُ العلاجُ في الخارج لإعادةِ المريض إلى المملكة، فيجب وجوباً لا مزاح فيه، أن يعرف المريضُ وأهلـُه كل تفصيلاتِ علاجِهِ القادمة : من استقباله بفريقٍ طبي، وسريره المحجوز، وعلاجه الموصوف.. عائشة خرجت وهي لا تعلم أين ستذهب.. والقصة عند أخيها، فلم يجد سريراُ (أكيداً) وهي بأمر الخروج. هذا شيءٌ يفوق التعسّف !

.. شيءٌ أخيرٌ : أن يدرك مسئولو الصحة أن الوزارةَ وِضعَتْ من أجل المرضى، لا من أجل أي شيء آخر. فربما من إرهاق العملِ.. نَسوا!