سنة النشر : 23/07/2009 الصحيفة : اليوم
كل ما هو محبوبُ الجمالِ لا يموت..
وإنما يمرّرُ جمالـَه إلى حُبِّ كوني..
مثل رشقِ ضوءِ نجمةٍ، أو رغوةِ بحرٍ خاطفةِ البياض، أو نَسْمَةٍ مجنّحَة»
وأضيفُ، أن جمالَ الشبابِ يمرِّرُ جمالـَه المحبوبَ إلى الإبداع لما توكَّلُ إليهم الأعمال.
لما دعوتُ لتأسيس أولادِ الدمام، اخترتُ سبعةَ من الشبابِ العاملين المتحمّسين والذين قدموا أنفسَهم لإنجاز هذه المهمة، ولكن ما كان يشغل بالي دائماً، من أضع عليهم؟ وكيف؟ هل أجعلهم يختارون؟ هل أجعلهم ينتخبونَ من بينِهم قائداً؟ ولكن القائدَ يبزغُ ولا يُختار ولا يُعيَّن.. كان وقتها يشاركنا الاجتماعَ الأخ الأستاذ محمد البقمي، وحضر لأننا نعملُ معاً، ولأخذ رأيهِ في الموضوع، وإذا هو من اللحظةِ الأولى يتشكل قائداً عفوياً، بقدرتِهِ الإدارية، وشخصيتهِ المثقـَّفة، وحبّه لزملائِه.. وكان نجاحُه وزملاؤه فوق أقصى آمالي الكبار.. ومضت مسألةُ القائدِ سهلةً حينما كانت هي التي تؤرقني.
في القطيفِ، مساء السبتِ الماضي، حقـَّقَ لي رجلُ المجتمع الفعّال «سلمان الجشي» مع صفوةٍ من أعيان القطيفِ الفرصة التي كنت أتطلـّع إليها من زمن في تأسيس «أولاد وبنات القطيف»، لماذا كان هذا بالذاتِ تطَلـُّعاً؟ سؤالٌ «محبوبُ الجمال!». لأن شبابَ القطيفِ يتميزون بشغَفهم الثقافي، وارتفاع معدل الإطلاع والقراءةِ بينهم، لذا فإنك تستطيع أن تسير بالشارع، وتجزم أنك ستجد شاباً جاهزاً للكتابةِ المحترفةِ الآن. وكنتُ يوما بأحدِ مجالس القطيف، وتلوتُ بيتاً للشاعر عمر أبو ريشة إن لم تخنّي الذاكرة الخوّانة، وكان الوزنُ على البحرِ المضاف : «الخبَب»، ثم قفزَ كجِنِيٍّ صغير فتى لم يصل للعشرين بأي حال، وقال: إن في البيتِ لحْنا.. يا ولد، عمر أبو ريشة يلحن؟ ولما عرضتُ الموضوعَ على أحد خبراء العروض، قال: نعم به لحنٌ، واعترفَ به الشاعر..
وكان الأستاذُ «ميثم آل الخليف» من شبابِ «لجنة المحبة» في القطيف، آسراً تلك الليلة، بثقافتِه، وتجلـِّي إلقائه، ولطافةِ روحِهِ، وعرض أعمالَ اللجنةِ بفصاحةٍ واقتدارٍ مشهدي، مما جعل صديقـَنا وأستاذنا «محمد رضا نصر الله» يدعو إلى سماعهِ مرة أخرى لما فاته من عرض ميثم. ورأيتُ في التوِّ واللحظةِ انعكاساً مرآتياً لشخصية الأخ محمد البقمي، «ميثم هو الذي سيقودُ أولادَ القطيف، ومع البقمي سيشكِّلان اتحاداً عملياً مُذهلا» هذا ما قلته للجميع، ووافق عليه الجميع.. فقد فرضَتْ شخصيةُ ميثم الأخّاذة نفسَها بسهولة فيما كنت أعتقد- أيضا- أنه سيكونُ أمراُ معقداً.. وسأقولُ لكم شيئاً آخر عن ميثم، إنما صبركم معي.
اتفق الجميعُ، وعلى بركةِ المولى، أن يُعْلـَن عن تأسيس أولاد القطيف الذين سيخدمون مدينتهم من خلال خدمةِ كل مرافقِها، وكما أذهلنا أولادُ وبناتُ الخبر أولاً، ثم الدمام لاحقاً، فإن أبناءَ القطيفِ سيسجّلون بإذن الله ذات الإذهال.
أما عن ميثم، فلكي يجعل مدينتـَه طاهرةً من مظاهر الفساد، استعان بالمنبر الحسيني وفعالياتِ القطيف، وقام بعملٍ حاسمٍ أيضا: توجَّه لهيئةِ الأمرِ المعروف والنهي عن المنكر لمساعدته على الأرض، وكان تحالفهما منجزاً. إن «ميثم» لم يذهب للهيئةِ إلا أنه في قرارةِ قلبِهِ يؤمنُ أنهم يحبّون الخيرَ ويعملون من أجله للجميع..
وهنا رجعتُ بظهري للوراء.. وعرفتُ أن هذا الشابَّ لتوِّهِ أعطاني درساً من دروسِ الحياة.