سنة النشر : 15/04/2009 الصحيفة : اليوم
.. هناك قرارتٌ لا يمكن لأحدٍ غيرك أن يتخذها، منها التبرع بالأعضاء. مبهجٌ حقاً ومدعاةٌ للفخرِ ما يفعله هؤلاء الشبابُ، شبابُ حملة التوعية بالتبرع بالأعضاء «امنح حياة»، والله هو الذي يمنح الحياة لا أحدَ غيره، ومن خلال البشر يمكن أن يكونوا وسائلَ وهب الحياة، كما بإمكانهم أن يكونوا وسائلَ لسلب الحياة! هؤلاء الشبابُ قرروا أن يكونوا الوسيلة لمنح الحياة.
وحينما اطلعتُ على خبر إقامةِ معرض لهم في هذه الجريدة، وقرأت بالأمس مقالة الكاتب صاحب النبض الاجتماعي «محمد المنصور»، تأكد ما نأمل به بأن شبابَ هذا المجتمع صاروا شيئا فشيئا هم القاطرة التي تقود عربات المجتمع، مدركينَ أنهم هم الأكثرية وهم الطاقة، وهم المستفيدون الأُوَل من معطياتِ الأمة، وبالتالي هم من يجب أن يعلموا لتطوير وتنمية مصادر تلك المعطيات.
وكنا قبل البارحة مجتمعين في منتدى «أمطار» بالرياض، وضيفنا الدكتور عبدالله الموسى المسئول عن خطة برنامج الملك عبدالله للابتعاث، وكان الموضوع في غاية الأهمية مع رجلٍ يقود وينسق خطة فيها أكثر من ستين ألف مبتعثٍ في أركان الأرض من أبنائنا، وغصّتْ القاعة بوجوه الرياض.. إلا شخصا واحدا كان ما زال يعيش أجواءَ مناسبةٍ أخرى سابقة أقيمت بذات المكان، وهي مناسبةٌ أقامها وأعدها طلاب كلية الطب بجامعة الملك سعود بعنوان «ومن أحياها»، وأيضا في التوعية حول التبرع بالأعضاء.
وما أن انتهت المناسبةُ حتى هبّ إلى الرجلُ، وهو الدكتور توفيق السويلم صاحب واحدة من أكبر دور الاستشارة بالمملكة، وقال لي: «أتذكر وعدي لكم في المناسبة قبل أكثر من شهر بأن أجمعَ على الأقل خمسين من كبار رجال الأعمال للمساهمة في تمويل حملة ومن أحياها؟».. قلت له: نعم، وأنا مستغربٌ أن تلك الحماسة لم يذبل فتيلـُها في قلبـِه..فأردفَ ضاحكاً على الفور: «الموضوعُ تـَمّ!»
وإذا كان الرجلُ النبيلُ توفيق السويلم يجمع خمسين من المحسنين معاضدي العمل الخيِّر في الرياض، فلا أظن أن رجالَ أعمال المنطقة سيكونون أقل اندفاعا ومؤازرة لدعم حملة «امنح حياة». ولو أسميتها منافسة، أو رأيت أني أدفع لحصولها، فلا بأس، يا ليت التنافس دائما في الأعمال المجيدة.
وما أكثر منفعة في الشأن الإنساني من التبرع في الأعضاء ووهب حياة، بعد مشيئة الله، لشخص آخر يرى الموتَ يلوحُ له كل يوم؟ وربما أكمل كاتبُنا الفاضلُ محمد المنصور هذه المهمة وتبناها، وليعاونه الله، فالشبابُ قاموا بكل ما يجب عمله محبة لناسهم وأهالي مجتمعهم.. وهم مستعدون ليفعلوا أكثر.. ولكنهم يحتاجون من «يمنحهم» ليستمروا بمشروع «امنح حياة».