سنة النشر : 25/03/2009 الصحيفة : اليوم
.. تقدم لي أحد الزملاء بمجلس الشورى بمذكرةٍ صغيرة: «الأخ نجيب: بالنسبة لمقالك عن «ريما النيف» يشفع الله بها، هناك فتاة صغيرة اسمها (وعد) تريد أن تهاتفك.. فما رأيك؟»
وجاءت مكالمة وعد:
- ألو، ممكن أسميك بابا نجيب..
- طبعا.
- أنا اسمي وعد في الثاني متوسط، وقرأت موضوع ريما النيف، وسكنـَتْ في خيالي، فهل أستطيع أن أعمل أي شيءٍ من أجلها.
- الدعاءُ يا وعد، ولو تابعتِ حملة « ومن أحياها..» طلبة وطالبات كليات الطب، ونشرتِ لصديقاتك ما قدمته «ريما» بالتبرع بأعضائها لسبعة أشخاص يعيشون بيننا بصحة وافرة بفضل الله ومنـّته أولا، ثم بفضل الصغيرة الراحلة، لتابعتِ المهمة العظيمة التي يقوم بها الناشطون بالحملة، لتكملي معهم ما بدأته الصغيرة البطلة التي بقيت ذكراها حية ( بالمعنى الحرفي للكلمة) بيننا.
- نعم ولكني سأقول لك شيئا آخر، وهو ما يقلقني، لقد تحمستُ أكثر، وهذا ما أقلق أهلي، ولهذا رأوا أن أكلمك.. فأنا لي قصة.
- ما هي يا وعد؟
- (بعد بكاءٍ خافت، وتنشج متقطع)، اريد أن أكون مثل ريما لأرتاح، أريد التبرع بأعضائي.
- (مقاطعا) يمكنك يا ماما، فلك أن تسجلي رغبتك في التبرع، وأدعو لك بالسلامة وطول العمر، ومجرد التسجيل عملٌ نبيل وعطاء كبير.
- لا، لم تفهمني. أنا أريد أن أموت ويأخذوا أعضائي مثل ريما..
- استغفري الله يا بنتي، ما الذي تقولينه؟
- والدي مات من شهرين.. وهو، تماما مثل ما كتبتَ أن ريما كانت معشوقة أبيها، وملكته، وأميرته، فوالدي كان معشوقي وملكي وأميري، ومات بحادث سيارة.. وكان يقول لي دائما إنه يريد التبرع بأعضائه. وأنا أريد أن أقوم بما كان والدي يريد القيامَ به.. وأريد أن أموتَ لأرتاح من آلام حزني، لا أستطيع أن أعيش بدونه.
- ماما وعد.. أبوك يرعاك من السماء، ويريد أن يراكِ وأنت تحملين الشهادات العليا، وأنت تخوضين غمار الحياة، يريدك أن تكبري وتنفعي الناس، وتدعين الله من أجله، وتحفظين اسمَه وتاريخه.. لأنه لو- لا قدر الله- مُتِّ كما تقولين لمات أبوكِ مرتين.. هل تريدين لأبيك أن يموت مرة أخرى، أم أن يحيا بكِ؟
- أن يحيا بي..
- سيأتي يوم تكبرين به أكثر، ولك أن تتبرعي بدون داع لكل هذه الأفكار، ويمكنك التبرع بكلية لمن تحبين لو أردتِ، وسجلي بطاقة التبرع وهذه رغبة ابيك.
- وشيء آخر إذن؟ اريد أن التحق بالحملة.. وأتعاون معهم.
- خذي هذا رقم السيد مفيد النويصر المستشار الإعلامي للحملة.
- وشيء آخر..
- ماذا؟
- أريد ان أكون طبيبة..
- أتدرين يا وعد؟ وكأني أرى أبوك يضحك..
- وشيء آخر..
- ماذا يا وعد؟
- أحب أبي..
- وهو يحبك.
- بابا نجيب..
- نعم.
- ومن أحياها..
- نعم. ومن أحياها.