سنة النشر : 21/10/2008 الصحيفة : اليوم
.. مهما صغرتَ فإنك ستصبحُ كبيرا أمام نفسِك متى ملكتَ الإيمانَ بما تعمل من أجلِهِ، وما تحملة من خِططٍ وأهداف.. وأن يُقدِّر الآخرون ما تعمل. هذا هو الانطباعُ والدرسُ الذي خرج به شبابُ (أولاد الدمام) بعد مقابلةٍ مفتوحةٍ ومفيدةٍ مع الأستاذ «حسين البلوشي» المسئول الإعلامي، ورجل العلاقات العامة في أمانة منطقة الدمام..
والسيدُ البلوشي يعرف من خلال تجربته الممتدةِ بأن العلاقاتَ مع الجمهور العريض ليس مجرد بيانات بالصحف، لأن بيانات التنويهِ والردّ تطيرُ مثل كومةِ قشٍّ جافٍ في يومٍ صيفيّ حار. التعاملُ مع الناس وحث مدّ الجسور بينهم وبين إدارته البالغة الأهمية هي الحل الواقعي الصحيح والعملي.
وأهم هذه الجسور هي التواصل مع الشباب، وأهمُّ الشبابِ هم أولئك المتحمِّسون المولـَعون بتقديم خدماتٍ لمجتمعهم وناسهم تطوعا، فهم الأنفس الكبار في أعمارٍ صغيرة، وآمال كبار في طموحات كبيرة.. ولو أن مسئولاً مثل السيد حسين ترفـّع عن لقائِهم، أو تبارد في مقابلتهم، أو ترسّم بشخصيته الوظيفية جامدا وهو يقابلهم، أو لم يأبه لطموحاتِهم المتوثبة، وحماستهم المضيئة، لكان كمن يُخمِدُ نورا يريد أن يشق الظلام.. ولكنه تحمّس مع الشباب، وكرّسَ وقتاً واهتماماً لمواضيعهم، واهتماماتهم، وعزّز آمالـَهم بمسئوليهم.
تأذى الشبابُ عامة بما يسمعونه ويقرأونه من مقالاتٍ ناقدةٍ ومحتجةٍ على أداء المسئولين خصوصا في الخدماتِ العامة، ومع أهمية النقد إلا أن النقدَ المتواصلَ وبثّ اليأس والتشاؤم فقط لا يورث في قلوب الشباب إلا الكرهَ والغضبَ، ومع الوقت الابتعاد عن محبةِ بلدهم الذي يمشون على أرضِهِ ويتنسمون هواه، وهنا الخطر..
لذا وجب التفاؤلُ وجوباً، ووجب العملُ لزوماً، وبدل أن يكون الشبابُ كحال المدخنيين السلبيين الذين يبلعون كلامَ الكتاب ونقدهم كما يتنشق المدخنُ السلبي خطرَ دخان المدخنين، ظهَرَ أن شبابـَنا يريدون أن يحبوا وطنـَهم أكثر، وأن يلتصقوا بمجتمعهم بنوع أقوى من الصمغ وهو صمغُ العمل التطوعي من أجل المجتمع.. بشرط أن لا يمنعهم أحدٌ من تقديم حبهم عملا وتكريسا، لأن حجْبَ أعمالهم، أو منعها، أو الحدّ منها، أو مواجهة ما يقومون به بالصدودِ سيكون صدمة لهم وللناس ولكل ما نأمله من تفاؤل في مد الجسور بين المجتمع والجهات الرسمية الخدمية..
والله يعلم كم نحتاج هذه الحسور، لأن الهوة عميقة، عميقة جدا. ولقد كان السيد البلوشي فطِنا لهذا، وكان حسن الظنِّ بالرجل في محله بل يزيد لما تلقيتُ اتصال أولاد الدمام وهم فرحون كمن خرج لتوِّه من حفل توزيع الهدايا، ولا أخفيكم أني كنت مترقبا متوجسا أن يذهب شيءٌ ما خطأ فينكسر ترسٌ من هِمّة العمل والإقبال والحماسة في أنفس شبابٍ من أجمل شبابنا..
إلا أن السيدَ بلوشي قدّم شيئا كبيرا باستقبال الشباب استقبالا عريضا وتشجيعيا عزّز من ثقتِهم بما قلنا إنك مهما كنت صغيرا فأنت كبيرٌ عندما يراك الآخرون كبيرا، والسيد البلوشي رآهم كباراً يُقـْدِمون على عالم من الأعمالِ الكبيرة. أثبت الرائعون أولادُ الخبر وبناته نجاحا كبيرا، وانخرطوا في العمل الاجتماعي، وطرقوا الأبوابَ للمنشآت الخيرية والرسمية يقدمون لهم أيادي عامرة بالنشاط وفورة الشباب وحب العمل من أجل المدينة والناس.
وتخبرني الأختُ نعيمة الزامل في جمعية الثقبة الخيرية النسائية أن أعمالها توسعَت وسهُلت بما تتلقاه من همم أولاد وبنات الخبر.. وهذا ما يفعله وسيفعله أولادُ الدمام وبناته، فهم لا يريدون خدمة من أجل أنفسِهم، إنهم، وبطرائقَ جديدةٍ وإبداعيةٍ، إثباتٌ لا يقبلُ الدّحْضَ بهمةِ الشباب السعودي متى تـُرِكـَتْ لهم فرصُ العمل التطوعي.. آمنتُ بعبقرية الشباب وأنهم من سيزرعون الزهورَ في دغـْل الأشواكِ.. وأراه الآن بعطرِهِ وألوانِه.
وعَد السيد البلوشي أن يتواصل مع الشباب وأن تستفيد الأمانة منهم، ويستفيدوا منها، في حفظ ممتلكاتِنا العامة ومرافقنا، وبحملات التوعيةِ ونشاطاتِ الأمانة المختلفة.. ولقد قام مسئولو الشئون الصحية بالوقفة الأولى الرائعة معهم واستمرّ مع الأمانة ممثلة بواجهتها الإعلامية حسين البلوشي.. والحبلُ على الجرار. أشعرُ وكأن السماءَ تمد يدَها للأرض متلبسة برداءِ العمل التطوعي!