نثريات الخميس - 39

- استهلال:

أود وأرغب في أنه كما لدينا قياس مهم هو الناتج الوطني العام في الاقتصاد ليدل على عافيته أو علته، فلماذا لا يكون لدينا قياس آخر مهم وهو قياس الناتج الوطني العام للسعادة. فالشعب السعيد يستطيع أن يتحول إلى شعب ناجح ومنتج للقيمة الاقتصادية.

- السعادة والعلاقات:

ماذا تعني لك السعادة يا ابنتي؟ هل تعني لك العلاقات الطيبة، النجاح في الدراسة، أو إنجاز عمل يحمل اسمك، أم ماذا؟ في رأيي يا ساكنة القلب أن السعادة لابد من تحديدها ومعرفتها بالنسبة لنا، لأننا حبيبتي لا يمكن أن نصل إلى مكان لا نعرفه.

كنت في صباي الباكر مولعا بالأدب الياباني، وتعلقت بكاتب ياباني عاش أواخر حياته في كندا، ثم بدأ يكتب قصصا عن اليابان. قصص ذلك المغمور "ريتو" اشتريتها من مكتبة عتيقة من زاوية كتب منسية لكتبي عجوز مثقف، رحمه الله، في سوق المنامة. في إحدى قصصه تدور الأحداث حول جدار السعادة، وهو جدار يعلق عليه أهل القرية رغباتهم وطموحاتهم بعضها صغير جدا، مثل طفل صغير يرغب في دراجة، أو أمل عميق لفتاة ترجو أن يعود خطيبها سالما من الحرب وراء البحار.. وتمنى هو أن يكون كاتبا بلغة عالمية ليخبر بقية العالم عن وجود قريته اليابانية بعاداتها، بسككها، بأهلها. قبل أن يموت ريتو بأشهر، كانت آخر قصة له: "سأموت سعيدا"، فقد تحقق له ما كتب على جدار الأماني. وترين حبيبتي أن السعادة ممكن أن نحددها ثم نعمل بكل إرادتنا الظاهرة والباطنة للوصول إليها وتحقيقها. قولي لي، فديتك: ماذا كتبت على جدار أمانيك؟ وتذكري أني أحبك.

- الموضوع: عصر تضييق أيضا

نتفق على أن العالم صار قرية واحدة صغيرة ليس رمزا للصفر بل رمزا لشساعة الاتساع. إنه عصر المعلومات الواسع بلا حدود للاتساع ولا توقف عن التوسع. رغم هذا التوسع في عالم المعرفة والمعلومات فإن هناك أجزاء في العالم تحاصره وتضيقه.. وبعضها يبني عالما افتراضيا كاملا يخصه كما فعلت الصين فهذا "الجوجل" الذي صار طبيعة حياة معرفية لنا، لا يعرفه الصيني، ولا "الفيسبوك" ولكن لهم نسخهم المبتدعة الخاصة وانعزلوا عن بقية العالم. في كتاب مهم للكاتبين الروسيين سولداتوف وبوروجان بعنوان الشبكة العنكبوتية الحمراء The Red Web يتحدثان فيه عن رجوع روسيا كما كان سابقا في الاتحاد السوفييتي لتكون سجنا ضيقا للمعلومات وأن من يقود روسيا الآن لسجن المعلومات هذا هو الرئيس بوتين. أرجو ألا يتبعه أحد.

- وبقي شيء

المعرفة دوما.. قوة.