سنة النشر : 16/12/2015 الصحيفة : الاقتصادية
نثريات الخميس - 38
استهلال:
أؤمن بالحدس. عندما تريد أن تأخذ قرارا مهما وبعد أن تدرس كل معطيات القرار عقلا ومنطقا، وتوقع النتائج.. أصغ لداخلك. هذا العقل الداخلي الخفي الذي يتحدث معنا دائما، ولا نستمع إليه. أعر هذا العقل سمعك.. وستفاجأ.
القرار والالتزام:
لا يعجبني أبدا يا بنتي أن تضعي اللوم بأي شكل على الآخرين لأي من عثرات قرار تتخذينه. أول درس تتعلمينه وأنت تكبرين يا ساكنة القلب هو أنه عندما تقررين لنفسك شيئا، فعليك تحمل كل تبعاته. إن في هذا التحمل سر حكمة الحياة المتزنة. إن اللوم يا حبيبتي يدل على انسحاب القوة.. على الضعف، ويقود للا شيء. قرارك أنتِ مسؤوليتك أنت. وعندما تتخذين قرارا فالتزمي تماما به، فعدم الالتزام لن يكون مؤشرا صحيحا لنجاح أو فشل الهدف الذي من أجله اتخذ القرار، فلا تستفيدي من تجربة النجاح ولا تجربة الفشل. إن اتخذت قرارا ورأيت أنه ليس نافعا، فلا بأس، غيري الطريق. تجارب الصاعدين بالحياة ترتكز على كنز جوهري، وهو القدرة على التصحيح، وقبل ذلك قدرة تتطلب شجاعة وذكاء في الاعتراف بالخطأ. المهم يا حبيبتي ليس أننا أحيانا نتخذ قرارات فاشلة، إنما المهم حقا هو أن نستطيع أن نصحح القرارات الفاشلة. تعلمي وثقي أنه لا يمكنك أن تخسري بهذه الحياة، قولي لنفسك ورددي إنه يجب أن أفوز دائما. والفوز هنا هو أننا نقدم على التجربة التي نتمعن بها قبل، ثم نتعلم من الخطأ فيكون فوزا، ونستفيد من الصحيح.. فيكون فوزا. جعلك الله من الفائزين.
وتذكري أني أحبك.
سؤال في السنوسية:
وأحب أن أجيب ابنتي فالسنوسي وهي طالبة في الصف الثاني ثانوي وتتمتع بفضول المعرفة، وسؤالها: "أنا من عائلة السنوسي، "إيش قاعدة أقول؟ واضح من اسمي" ولما قيل لي في المدرسة إني من عائلة صوفية، سألت جدي ونفى ذلك وقال إنها مثل حركة الإمام محمد بن عبد الوهاب. ورأيك يهمني".
حاضر يا بنتي. السنوسية كانت بمثابة رد فعل ضد الاحتلال الفرنسي للجزائر، وأسسها وترأسها قبيل منتصف القرن التاسع عشر رجل اسمه "محمد علي السنوسي"، وكان فكره الأساسي حركة تجمع العالم الإسلامي لتحارب وتتصدى للاستعمار الغربي. السنوسي عاش في منطقة تعج بها مدراس ومذاهب صوفية، ولكنه بدأ في بناء قوة إسلامية من صحراء ليبيا وكان على المذهب السني الخالي من النزعة الصوفية الرائجة في الانقطاع والترحال والزوايا والخرافات، ولكنها خرجت بإرهاب صوفي. والسنوسي رحل للمغرب ثم اتصل بعلماء الأزهر وكانوا في رأيه غارقين في التقليد فعارضهم، وخطأ الطرق الصوفية في الانقطاع وهجر الدنيا في الزوايا، ثم رحل للجزيرة العربية واتصل بالحركة الوهابية والتقى معها في مفاهيم تحرير العقيدة وتطهيرها ثم خرج بمنهج قوامه: تطهير العقيدة من البدع والخرافات، توحيد أمة الإسلام، فتح باب الاجتهاد، نشر الإسلام بالذات في إفريقيا، ومقاومة الاستعمار. ومرجع متمكن هو المفكر الإسلامي "أحمد الجندي" قد وصف الدعوة السنوسية بأنها من عباءة الدعوة الوهابية مع لقاء واختلاف في بعض الأمور. في رأيي يحمد للدعوة السنوسية أنها حررت الطرق الصوفية من المفاهيم الخاطئة ودفعها للمسلك الإيجابي بعيدا عن أفكار الجبرية والاتحاد والحلول ووحدة الوجود.
وبقي شيء:
وسؤال آخر لطيف من سعد الشهراني- فلوريدا، وددت لو كان كتبه بالعربية، خصوصا ونحن نعيش احتفالا بلغتنا: "كيف أفكر بشيء سلبي دون أن تكون النتيجة شعورا سلبيا؟
الإجابة: لا تفكر أصلا بشيء سلبي. انتهى!