سنة النشر : 02/12/2015 الصحيفة : الاقتصادية
نثريات الخميس - 36
استهلال:
استمع إلى صوت جانبك المشع والأفضل، ذلك الذي يؤكد لك من أنت حقا. الصوت الذي يقول لك إنك جسور وقوي، ومحب، فلا تخف شيئا.. إلا الله. أنت شخص جميل، بداخلك كنز جميل تقدمه لنفسك.. وللعالم.
العقل أم القلب؟
سأجيبك عن سؤالك المهم، وهو سؤال يدور في أذهان الكثيرين. والسؤال هو: هل ألجأ في حياتي وما يتعلق بها إلى القلب أم إلى العقل؟ الاثنان حبيبتي. وإجابتي كما ترين سهلة بسيطة ومباشرة. ربما تقولين لنفسك: وأين الجديد هنا يا بابا؟! لكوني أبا لك، ولذكاء ذائقتك، فلن تقوليها لي في وجهي. ولكني أقول كلامك صحيح؟، وإن لم تقوليه؛ لأنه فعلا كذلك. "لما" أقول الاثنان أريد أن أوضح شيئا مهما، وهو أنه أولا نتبع قلبنا لا عقلنا، وأؤمن بذلك بقدر قوة صدق حبي لك. فالقلب هو الحب، وإذا أحببنا أخلصنا وإذا أخلصنا أتقنا، وإذا أتقنا أبدعنا. الدراسة التي نختارها يجب أن نحبها لنتفوق فيها حتى لو قيل لنا بحكم عقلي هذه الدراسة لا مستقبل لها، فالحب طاقة محرك ستجعلنا نُوْجِد هذا المستقبل، نصنعه بقوة اندفاع الشجاعة التي هي أقوى منتجات الحب. فالقلب إذن مغامر لطيف شجاع لا يهاب الرحلة في دربٍ لم يُطرق من قبل، أو لا يوقفه أحد من المضي بطريق أحبه حتى لو حُذر. العقل حبيبتي كمحاسِب دقيق صارم جاف لا يؤمن بالمخاطرة، ويحبس صاحبه في واقع مأمون لا يتغير. ولكن عندما نأخذ اختيار القلب لن يمكننا تطبيق ما أحببناه والوصول إليه إلا بالعقل؛ أي مرحلة التخطيط ووضع علامات الطريق.. وهنا سيكون المغامر والمحاسب معا يدا بيد، أو عِرقا بعِرق.
وتذكري أني أحبك كثيرا.
الموضوع:
هل نحب هذا الكوكب الوحيد في الكون الممتد بمساحات ضوئية وراء إدراك عقل البشرية وكل أجهزتها العلمية، الذي به تنمو الحياة، بل الحياة العاقلة؟ هل أقول عاقلة؟ كيف وهذا العقل البشري أثبت حتى الآن أنه يملك العبقرية والخيال والذكاء، لكن هناك عنصران مهمان يفتقدهما لتستقيم وتستمر الحياة، وهما الحب والحكمة؟ نحب أنفسنا، نحب مصالحنا. طبقت دول الصناعة الكبرى مقولة "أنا.. وليأت بعدي الطوفان" باقتدار. نظمت الأمم المتحدة منذ 20 عاما حتى الآن مؤتمرا سنويا لكل قادة وزعماء دول الأرض ليوقعوا اتفاقا لا يحيدون عنه فيما يتعلق بموضوع بقاء الحياة على الأرض بالالتزام بقوانين صارمة ونافذة للتصدي للتغير المناخي والارتفاع الحراري. 20 سنة.. لا شيء. كادوا أن يصلوا لشيء في مؤتمر طوكيو 1997، ومؤتمر كوبنهاجن 2009، وفي النهاية اختلفوا ولحقت القمتان ببقية أخواتهما في هاوية الفشل؛ لأن المسيطر الولع المصلحي الشره. الآن قمة الأرض تجتمع كعادتها السنوية في باريس، وكثيرون من العلماء يسمونها الفرصة الأخيرة لإنقاذ الأرض.. من أهلها!
والمهم:
هذا العام 2015 لم يكن عاما بهيجا، كان حزائنيا دراميا ومنذرا برعب لا يعرف العالم حتى الآن كيف يتعامل معه بلْه أن يتفاداه. هل هذا غير المزاج العالمي للمرح والفكاهة والضحك؟ أعلنت هيئة قواميس أكسفورد أن أكثر "الكلمات" استخداما في العالم هذا العام هي "الإيموجي"، وكلكم طبعا تعرفونها، الكلمة اليابانية للوجه الدامع من الضحك الذي صار الجميع يضعه رمزا للفكاهة والضحك من مجموعة "سمايلي".
الذي كان لن تغيره، الذي سيكون لن تغيره.. وتعابير وجهك هي التي يمكنك أن تغيرها.