سنة النشر : 15/10/2015 الصحيفة : الاقتصادية
نثريات الخميس ـــ 31
ـــ استهلال:
كم هذه؟ فيجيب بالسعر الفلاني. طيب جارك هذا يبيعها بسعر أقل. فيجيب: يا أخي، كيفي، أنا حر. حديث آخر: لماذا تتكلم عن هذه الشخصية من الناس بهذه الفجاجة؟ فيجيب: يا أخي، كيفي أنا حر.
لا، ليست الحرية أن تسرق مال الناس، وليست حرية أن تسرق عفاف الناس، وليست حرية أن تفسق على شخص كوسيلة لإبداء الحب لآخر. وليست حرية أن تستبد بالناس الضعفاء بحكم ما وهبك الله من قوة الأقوياء. وليست حرية أن تخدع وتسلب أهل البساطة، بحكم ما حباك الله به من ذكاء. وليست حرية أن تستغل الأغنياء لتصلح الفقراء، وليست حرية أن تستغل الفقراء لتزيد من ثراء الأغنياء.
ـــ رسالة لابنتي:
تعلمين يا بنتي أني رسام، وكانت هوايتي التي انقطعت رسم البورتريه، وهو الخاص برسم الوجوه، وقادني إعجابي من الصغر بالفنان العالم دافنشي أن أتولع بعلم التشريح لأعرف كيف يمكن للعضلات والعظام تركيب حركة الوجه ثم رسمها بدقة. ومن هنا دخلت إلى عالم الإعجاز الرباني، وما زلت أقول إن أقرب الأشياء لسموات الروح والإيمان هما علم التشريح، والفيزياء الكونية، فقد وضعت فيها علائم كبرى من إعجاز الخلق الرباني. لما قام أعظم علماء البيولوجيا العالم "فرنسيس كولن" بوضع اكتشافه الخطير عن خريطة الجينوم البشري، أي دراسة الجينات والتوقع المستقبلي لتطورها، رأى الإعجاز أمام عينيه، فانتقل في لحظة بارقة خاطفة من ملحد من أعتى الملحدين إلى مؤمن بوجود الله، بل من أكثر المؤمنين. فهو يقول كلما تكشفت لي أسرار الخريطة الجينية البشرية، رأيتها كلمات من الله تدعوني بقوة للإيمان به. وفعلا أخرج كتابا أوصيك بقراءته وهو "لغة الله"The Language of God. يجب يا بنتي ألا ننكر أي موهبة فينا، فهناك رسالة خفية بها.. جيد أن ننقل الموهبة الربانية لقنواتها التي تعزز القيمتين العقلية والوجدانية، ونطهّر منها ما يسيء أو يعطي السطح الضحل لها فقط. ستصبحين ذات يوم أمّا حبيبتي، وسأكون إن أحياني الله، من أسعد الناس بهم طبعا، وأوصيك أن تتلمسي مواهبهم ومن هنا تبدأين برسم ألمع الطرق لنجاحاتهم.. حتى لو لم تظهر الموهبة فتأكدي أن الله أودعها في مكان ما داخل كل فرد، وأول من سيستشعر هذه المواهب الخفية أكبر جهاز استشعار في الدنيا؛ حبّ الأم.
وتذكري أني أحبك.
ــــ الموضوع:
يسألني صالح الزيادن عن رأيي في الصمت، لأني عرضت مرة كتابا أجنبيا يتكلم عن قوة الصوت، وأنه من النوع الصامت ويريدني أن أقول شيئا عن الصمت. أبشر يا صالح:
الصمت تأمل وتفكير، الأفكار الجديدة واليانعة لا تقفز إلى رأس صاحبها إلا عندما يصمت كل شيء حوله. فالمشاعر كلها تتحفز للانطلاق تماما كما يفعل المرء وهو يقف على أطراف أصابعه، استعدادا للخطوة القادمة الكبرى. الصمت ليس سكوتا مطلقا، فحين تصمت الأشياء من حولنا تدق أجراس في آذاننا دقا خافتا، لا تسمعها إلا أنت. إنها الأجراس التي توقظ الذاكرة المعرفية والتجارب السابقة وتنشط الذهن فتساعده على التفكير والإنتاج. وإياك أن تصف الصمت أنه بلا حياة، فالصمت أول مظاهر انطلاق الحياة.
- وبقي شيء:
الاعتذار ليس مذلة بل هو أقصى مراتب النضج الفكري والعاطفي. في رأيي أقوى جسر للحب يبنى بين قلبين هو الاعتذار، واعتذر عن خطئك الآن.. وليس بعد فوات الأوان.