نثريات الخميس ــ 29

- استهلال:

ماذا يعني التعليم؟ التعليم هو إنتاج المعرفة، ثم فتح عقول التلاميذ لتلك المعرفة لتمكينهم من قنص أقصى منفعة من تلك المعرفة. لذا فإن التعليم يحث التلاميذ على احترام الأفكار، وحرية تعبيرهم عن تلك الأفكار، لفتح عقولهم على حب مغامرة البحث والاستكشاف والاستنتاج. التعليم تفعيل المعرفة لتأهيل التلاميذ للخلق والإبداع والاستزادة المستدامة بمتابعة ما يجدّ من معارف، يعلمهم قوة التحدي، ومهارة التصدي، ويعلمهم قوة وثبات الشخصية، ومهارات القيادة. العلم يهيئ عقولا أفضل لنفع مجتمعهم.. ونفع العالم.

- رسالة لابنتي:

"لماذا؟"، أحب جدا كلمة الاستفهام هذه يا ساكنة القلب، لأن هذا الاستفهام "لماذا؟" سيقودنا لكلمة استفهام في غاية الأهمية هي "كيف؟". أهم ما يجب فهمه ونحن نحاول أن نغير حياتنا للأفضل، هو أن نعرف لماذا نغير حياتنا؟ وإذا عرفنا لماذا؟ عندها يبدأ التطبيق نحو التغيير بإجابة كلمة الاستفهام ألأخرى "كيف؟" لأن معرفة لماذا نريد أن نحقق هدفا بذاته أهم من تحقيق الهدف. إن أي سؤال قوي يبدأ بـ "لماذا"، سيدعم جهودك، ويمدك بالطاقة والنشاط والعزم لتحدي المصاعب وإزالة العراقيل وأنت ماضية لما تبغين أن تصلي إليه. من دون "لماذا" قوية وعميقة الصدى سيصعب أن ننال ما نريد أن نناله. لماذا، هي الأساس، هي الصدر والمقدمة قبل البدء بأي طريق نريده. لماذا، هي الرجوح العقلي وراء كل شيء نريد أن نحققه بشكل صحيح. فلا تقدمي متسرعة على أي أمر، تمهلي وخذي "لماذا؟" دوما معك. ولو سألتني لماذا أحبك؟ لكان جوابي سؤالا آخر: "كيف يمكن لأب أن تشرق حياته بلا حب ابنته؟!".

- الموضوع: يا لهذا الدماغ.. ما أذهله!

تلمس راسك رجاء. فيه هذا العقل الذي هو أعظم آلة كونية، أكثرها تعقيدا، وأشدها قوة. تصور أن دماغك هذا فيه شبكة تزيد على 160 ألف كيلومتر من العروق الدموية. وفيه مائة مليار عصبونة "نيورون". ويؤدي كوادرمليون "يعني رقم لا يمكنك أن تتخيله" من العمليات كل ثانية.. تصور؟ أوه، طبعا لا يمكنك ولا يمكنني التصور. اتركني أشرح لك بطريقة ربما يمكن أن نتصورها وربما لا يمكنك، ولكن أمعن خيالك الرقمي.. تصور كل تعقيدات وتداخلات وأداء كل شبكات الهواتف والاتصالات بكامل الكوكب، هل تصورت؟ هذا كله بهول عظمة حجمه يساوي حجم أداء خلية واحدة من دماغك.. فقط خلية واحدة! وتصور وأنت تقرأ هذا القسم من المقال تموت في ثانية عشرة ملايين خلية في دماغك، ثم تظهر عشرة ملايين خلية جديدة.. شغل غير عادي يجري داخل جمجمتك وأنت سادر في القراءة لا تشعر بأي شيء بينما تدور ملايين ملايين التروس هادرة برأسك. هذا شيء بسيط من عظمة وقوة أعظم سلاح في كل هذا الكون، وضع كاملا تحت خدمتك في كل يوم في كل لحظة. بمعنى أن ما يمكنك أن تحقق وتنجز بهذا العقل حرفيا لا حدود له. ولما أمدنا الله بهذا العقل فلا عذر لنا إن لم نفقه ونعلم ونجد ونعمل ونؤمن أن بمقدورنا ليس فقط أن نحرك العقبات عن طريقنا.. بل الجبال.

- وبقي شيء..

هل يمكننا أن نحب أحدا لم نعرفه، لم نلتقه، لم نتحاور معه؟ ثم يكون تعلقا صافيا وحبا واضحا بلا لبس؟ أترك الإجابة لكم..