سنة النشر : 04/10/2005 الصحيفة : اليوم
.. نبدأ في مسألة الدوام في رمضان، لقد تعودنا، وتعودت الجهات الرسمية في الدولة، ثم كل المنشآت العاملة في البلاد، ثم كل الناس، على دوام رمضاني خاص، وهو دوام كلنا يعرف بضميره أنه لم يخصص من أجل العبادة، بل إن مزيدا من المشقة في العبادة في رمضان أمر يشتهيه كل مؤمن، نعرف شيئا آخر بلا أن يقول أحد ذلك، وكأنه السر الوطني الذي يعرفه كل منا ولكن لأمرٍ ما لا يقوله، ولا يتحدث عنه، وهو أن الدوام وُضع من أجل أن الناس يسهرون، ولأنهم يسهرون فهم يحتاجون مزيدا من ساعات الصباح في اليوم ..
نعم نأخذ وقت الدوام الرمضاني وكأنه حق إلهي.. ولكن القصة لها فصول أخرى نقرؤها كل يوم بيننا وبين أنفسنا، لأنه ليس هناك راوٍ يقرأ علينا القصة َبالعلن. لقد صار الشهرُ وكأنه كرنفال من كرنفالات المناسبات حين يخرج الناس في الشوارع ويرقصون حتى يسقطوا .. وهم طبعا لا يسقطون خـُشـَّعا!
المحطات التلفزيونية لقفت هذا الموضوع كما يلقف لاعب محترف الكرة ثم يعيد رسم الخطة لها.. ولقد حققت المحطاتُ أهدافا كثيرة في شباكنا وليس هناك حراس مرمى في الأصل أو أنهم حراس صغار لا يرون بالعين المجردة.. لقفت المحطات ذلك وجعلت للسهر مغريات كلها تحض على الشعور الذي سميناه كرنفاليا.. لذا زاد عدد الأغاني في رمضان والمسلسلات.. لست أعظ ُهنا يا جماعة ولكني أتساءل؟ فهلا تساءلتم معي؟ ..
وأدعوكم هنا بالفعل الى أن نستعمل عقولنا، ومن أهم أدوات عقولنا ما نسميه الاستدلال المنطقي، أو الذائقة العقلية العامة، فرمضان ليس شهرا تمارس فيه أوقات مختلفة، ولا هي الشمس تغير مواعيد إشراقها أو غروبها.. الوقت لابد أن يكون عادياً، حتى نعرف فعلا الطقوس الرمضانية، لأن اليوم الرمضاني مثل أي يوم تقويمي آخر أي له نهار وله ليل، وليس هناك ما يدعو ( أبدا) إلى أن نغير وظيفتي الليل والنهار، ولكن في رمضان الذي يجب أن يكون هو إحساسنا المتناهي بالوقت، وأن أي دقيقة تمر علينا محسوبة من أعمارنا، والأهم محسوبة في أعمالنا التي ستوزن بالقسطاط في يوم الحساب.
ولا يجب أن نعطل عقولنا كما تعطلت الدودة الزائدة في أجسامنا لانتهاء وظيفتها، وإذا جرينا وراء ما اعتدنا عليه بلا مراجعة مع النفس والعقل، فإن عقلنا سيضمر وسينتهي مفعوله، وسيصير زائدة أخرى! والدعوة حتى للعقل الجماعي والعقل الرسمي للنظر في معنى أن يكون هناك دوام خاص في رمضان، ونعرف ما آل إليه هذا الدوام.
تذكروا الدودة الزائدة.. أعط عقلك محاولة أخرى رجاء..