سنة النشر : 15/06/2015 الصحيفة : الاقتصادية
.. جمعية العمل التطوعي جمعية نشطة في المنطقة الشرقية، وهي بالتنسيق المتتابع مع وزارة الشؤون الاجتماعية بإداراتها المتخصصة تهدف إلى الصعود بنوعية وأداء العمل التطوعي في المنطقة، وليس هذا هو الأهم، الأهم هو العناية بتطوير المتطوعين أنفسهم، وذلك عن طريق الدراسات البحثية التي توصلت إليها أهم البيوت التطوعية في العالم. كما أنها تمثل الجمعيات العربية بمشاركتها المباشرة والعاملة مع العمل الشبابي العربي في الجامعة العربية، ومع العمل الشبابي العالمي ضمن منظمة التطوع الناشئة في الأمم المتحدة ومقرها مدينة بون في ألمانيا.
الجمعية لا تعمل مباشرة على الأرض، وهذا سر السعة والتوسع والتنوع والمرونة بها، حيث إن الفرق التطوعية بتخصصاتها واهتماماتها المختلفة تنضوي تحت مظلتها ضمن مقاييس مقننة، وتحت روح نظام وزارة الشؤون الاجتماعية المتعلق بالجمعيات. وللجمعية برنامج خاص ومنفرد حتى الآن، وهنا ينتشر عملها في كل أنحاء المملكة لأهمية تخصص هذا البرنامج الذي يسمى رخصة العمل التطوعي. والفكرة بسيطة وفي غاية الأهمية في تمكين العمل التطوعي وتركيز نفعه، فهي برامج تدريبية مفصلة للمتطوعين كي يتخصصوا في نشاط معين بالتطوع، وتزداد مهاراتهم به، فلا يخوضون في شأن أو مسألة أو حدَثٍ لا خبرة لهم مسبقة فيه، فقد يضرون أكثر مما ينفعون؛ كأن تطمئن بأن السائق الذي ستركب بجانبه اجتاز امتحان السياقة، ونال رخصة تقول إنه نظامي يجيد قيادة السيارة. وبما أن العمل التطوعي في كل مجال، فرخصة العمل التطوعي تتضح أهميتها هنا.
والأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية عنده حماسة لا تخفى للعمل التطوعي، وهو لا يفضل كما يقول في أكثر من مناسبة أن نعتبره رئيسا فخريا للجمعية، بل هو عامل فيها، وأنه عامل ومشجع ومؤيد لأي عمل تطوعي.
لمّا فكر الشاب بندر السفيّر في مشروع جيد وهو الجائزة السعودية للعمل التطوعي، قدمها لجمعية العمل التطوعي كي تُدرس وتفعّل.. عمر هذه الفكرة أكثر من سنة، دُرست وبُلورت بين العاملين في الجمعية وبندر، وانضم عضوان مهمان جداً في لجنتها التأسيسية، وهما الدكتور صالح الدوسري مدير التعليم السابق، والدكتور سامر الحماد رئيس الجامعة المفتوحة في الدمام، ويتميزان بالمعرفة والتواضع والخبرة والميل القوي لمساندة العمل الشبابي التطوعي. ونأمل أن تكون الجائزة ليست علامة فارقة فقط، بل تعمّق الشعور بالعمل التطوعي ابتكارا وتوسعا في قاعدة العمل، وتبعث المزيد من التشبث بهذه الأرض، والتعلق بهذا الوطن.
وكنا - مرة أخرى- عند الأمير سعود بن نايف، ليأذن ببدء مشروع جائزة العمل التطوعي السعودي، وقال لنا بسعادة واضحة عن رضاه وإعجابه بالشباب المتطوع فتياناً وفتيات، الذين يعملون على تنظيف البيئة في الهواء والبحر والبر، وقال إن الأهمية العظمى لهذه الأعمال فوق الحفاظ على عناصر البيئة وإيقاف تدهورها، هي تلك الروح العالية في الإحساس بمسؤولية أن تسلم الأجيال الحاضرة الأرض كما جاءوا إليها أو أفضل. وهنا استدعى الأميرُ قصة صديقة البرازيلي الأشهر صاحب "الخيميائي" باولو كوهيلو، الذي يزوره عندما يأتي لإسبانيا قادما من البرازيل، حينما كان الأمير سعود سفيرا لنا في إسبانيا، وقص كوهيلو عليه قصة قريته الصغيرة المهملة في البرازيل وكسل شبابها واتساخها الواضح. فاتخذ كوهيلو جداراً وصبغه باللون الأبيض الناصع، وعلق عليه قناديل ملأى بالزهور الأمازونية الضاربة الألوان، وصار الجدارُ لوحةً جمالية تسعد الناظرين.. فهب شبابُ البلدة وصبغوا كل جدران القرية وعلقوا عليها قناديل الزهر، ونضُرَت القرية، واتشحت بالنظافة والأناقة المبهرة، يزورها السياح طول العام.. بدأت بعمل بسيط من قلب محب.
وهذا كل سر العمل التطوعي.. عمل بسيط بقلب محب.