تقاسيم على حي النسيم

سنة النشر : 13/03/2014 الصحيفة : الاقتصادية

 

- إن ظاهرة التكاتف في الأحياء عن طريق لجانها ومجالسها التطوعية أكبر عنوان للعمل الأهلي. والعمل الأهلي التطوعي واحد من أهم مكونات الدول العصرية التي يتحقق لها النمو في تحقيق المرونة في التطوير الإنساني ثم ما يلحقه من بيئةٍ وثقافة، فكلما زادت حركة العمل الأهلي وضحت معالم التطور والنماء في الأمة.. والعكس صحيح.

- في الأمس في حي النظيم في حفلٍ أهلي - لا أجد نفسي مترددا من تسميته الأسطوري- للحضور الهائل من أبناء الحي، ومما سمعته كلمات ورأيته أفعالا تدل على انتماء شديد للحي، وتعامل نفعي وعاطفي بين أفراد الحي.. وكان الحضور بذات الحماسة من الطبيب والأستاذ الجامعي والموظف الحكومي الكبير والتاجر عريض الأعمال وكل الناس بفئاتهم.. معا في عمل مخطط وعلمي لرفع حيهم والارتقاء به وبناسه ومرافقه. ليلةٌ حضرتها كأنها من ليالي القرون لا أنساها أبدا، عزّزت حلمي بأن العملَ الأهلي التطوعي الإنمائي بدأ يتبلور بالبلاد عبر أحيائه.

- وقبل البارحة بحي النسيم. لم يكن الأخ عبدالرزاق المضيان ليتابعني ستة أشهر، ليقتنص دقائق لتصوير فلم عن حيّه "النسيم" بالعاصمة الرياض، ثم يأخذ مني موعدا للحفل على بعد أشهر ويؤكده، لو كان الأمر لمصلحته. لقد تابع بحرص شديد كل ما يتعلق بالدعوة والحفل فقط من أجل حيّه تطوعيا، وليس شيئا من أجل نفسه، وتعجبت من قوة هذا الحب، وشدة هذا الانتماء. وكان لعبدالرزاق ما أراد ولكن بعد لأيٍ ومشقةٍ، سببتهما له أنا. إن هذا الانتماء، كأن تتبع شخصا كل هذه المدة - أيا كان هذا الشخص- وبهذه الروح الملحاح، شيء طارئ إيجابي بمجتمعنا. ونقول دوما الانتماء للحي يعني الانتماء للمدينة، والانتماء للمدينة يعني الانتماء للدولة كاملة.

- في حفل النسيم أيضا كان الحضور فعلا فوق التصور، أن تكون قاعة واسعة ملأى حتى العنق ثم تجد العشرات من الناس وقوفا لأن لا محال تسع.. كلهم من نفس الحي، كلهم أتوا ليشجعوا لجنة الحي، ويشجعوا المنجزين والعاملين من أبناء الحي والعاملين به.. كلهم أتوا حبا وانتماء لحيهم، وفي وسط هذه الحماسة الانتمائية لا عجب أن يمتلئ الحي الكبير بإنجازات كبيرة، كل إنجازٍ ملحمة نجاح بحدّ ذاته.

- وحضر الحفلَ الناسُ بكل فئاتهم، بذات البساطة والعفوية يساويهم حبهم لحيهم والانتماء إليه، فكان هناك أخي الدكتور فهد العنزي عضو مجلس الشورى ورموز رياضية شهيرة، ومن فئات المجتمع المختلفة.. فجاء الحفل مكرسا حقيقيا لعملٍ أهلي يتبلور فعلا.. لأن الأممَ كما يقول ابن خلدون في مقدمته يبنيها أبناؤها المباشرون، فكيف بأبناء الحي.

- ستعم بإذن الله تجربة حي النظيم وحي النسيم لأحياء مدن المملكة وسيكتمل رويدا الجناح الآخر الأهلي لكي تقلع الأمة في آفاق الازدهار.

- ما رأيته بحيي النسيم والنظيم.. حلمٌ يتحقق.