سنة النشر : 29/11/2013 الصحيفة : الاقتصادية
لماذا قلت ''ألف''؟
لأني لا أذكر كم مرة في مقالاتي أذكر هذا العنوان، ومن يعد ويجدها أقل، أو أكثر.. فأرجو ألا يرفع قضية عدم دقة أو مبالغة عليّ، بل عليه أن يرفع القضايا على الشباب - وسأتابع، على أن كلمة ''الشباب'' تشمل الجنسين.
الشباب هم من يذهلوني كل مرة .. نعم كل مرة، حتى إني قلت لهم قبل البارحة في احتفال فرقة ''أيادي عطاء'' التابعة لجمعية العمل التطوعي في الشرقية: ''خلاص يا شباب، قفوا عن إذهالي، ما يصير، كمية المخزون من الإذهال التي في داخلي قاربت بسببكم على النفاد''!
عندما تكلمت ''ملكة الشريف'' الفتاة التي وراء تأسيس فريق ''أيادي عطاء''، تكلمت بثقة واحتراف وثبات، وهي تشرح تاريخ تأسيس الفريق وأهدافه ورسالته، وكأنها كما همس السيد إبراهيم حسين مسؤول منظمة الأعمال التطوعية في الأمم المتحدة، وقال: ''هذه فتاة يمكنها أن تخطب من منصة الأمم المتحدة..''، عملت نفسي يعني وكأن هذا شيء عادي أسمعه كل يوم عن بناتنا وأولادنا.. ولكني من الداخل كنت أضبط كل تجهيزات الضغط والكبت حتى لا أنفجر فخراً.
وأيضا جاءني السيد إبراهيم حسين بعد أن زار ''معرض إثراء'' الذي تقيمه ''أرامكو'' وهو زاخر بالعلوم والإرشادات المتقدمة تقنياً عن استخدامات الطاقة، قال لي: ''يا أخي أنا شفتَ - بلهجته السودانية التي لم تؤثر عليها الإقامة في الخارج - بنتا وكأنها كدا عبقرية تمشي على الأرض..'' قلت له: ''كيف يا حبيبنا إبراهيم؟'' قال: ''يأخي أنا درتَ العالم وشفتَ الناس مرات كتير، لكني ما شُفتَ زي البنت اللي في ''معرض إثراء'' ذكاءً وإلقاءً ومعرفةً وتشويقاً وقدرة صعبة على التوضيح'' .. فسألته: ''إيش اسم البنت حبيبنا إبراهيم، يمكن أعرفها؟'' فقال لي على الفور نور الإبراهيم.. وهنا دار رأسي مرة ثانية، فقلت له: ''هل تعرف أن ''نور'' هذه التي تتحدث عنها هي في الثانية ثانوي، وهي من أنشط الناس في جمعية العمل التطوعي، وتطوعت للعمل في معرض إثراء فخورة بهذا الإنجاز'' .. لم ينبس أستاذنا إبراهيم ببنت شفة وعيناه الواسعتان مليئتان بالدهشة - فعلاً يملك عينين جميلتين - ثم ألحقته بخبر آخر أصعقه .. قلت: ''وهل تعلم أن هذه الصغيرة المتوهجة عقلاً وأدباً وفكراً - فهي مثقفة مطلعة على الآداب العالمية والعربية - أمها تعاني من مرض الرحمة الآن - شفاها الله .. وتتحامل على نفسها بشجاعة وتكمل ما نذرت نفسها له؟''.
نور أيضا شاركت في برنامج من أكثر البرامج شعبية وانتشاراً وهو ''الثامنة مع داود الشريان'' وكانت ثابتة أمام مقدم عُرف بالبأس وقوة المداخلة، وقالت له: ''دعني أكمل'' .. ''دعني أكمل'' أمام الشريان ليس أمراً سهلاً بما عُرف باندفاعه في انتزاع الآراء التي يريد، ضمن مقاس وضعه للبرنامج، هذه المرة قدّر داود الشريان الصغيرة وتركها تكمل .. وقالت كلاماً عن الجمعية والعمل التطوعي، لو كنتُ مكانها لما استطعت.
لماذا أراد السيد إبراهيم المجيء والتعاون مع جمعية العمل التطوعي، والمشاركة الاستراتيجية معها للعالم العربي، لأنه فقط قابل شاباً اسمه ''محمد البقمي''، والبقمي هو الأمين العام لجمعية العمل التطوعي، وشرح البرامج أو بعضها التي تقوم عليها الجمعية في اجتماع خارج السعودية، كما أننا وضعنا فلسفة لقوانين داخلية تضبط أداء وشخصية وأهداف الجمعية، لذا قال لمحمد: أريد أن أزوركم. وكانت المصادفة أنه يزور السعودية لأول مرة بتوفيق من الله ثم بسبب الجمعية، أو بالأحرى شباب الجمعية..
كنت في الرياض لما وصل السيد إبراهيم حسين للدمام، وهاتفني لأسمع صوته لأول مرة، وكنت أسمع عنه كاسم كالسحر يدور في عالم التطوع الكبير.. وقال لي: ''نحن جئنا هنا لنرفدكم ببرامجكم، ووجدنا أن برامجكم تتفوق على برامج الأمم المتحدة في هذا المضمار، فسنستفيد منكم''.. لم أقل أنا هذا وإلا وُصِمتُ مرة ثانية بالمبالغة، ولكنه السيد إبراهيم حسين من قال.
قبل البارحة أقيم حفل إنجاز ''أيادي عطاء'' على شرف الأستاذ إبراهيم حسين، ووقف وقال بالحرف الواحد: ''إني اطلعت على برنامج الرخصة التدريبية في جمعية العمل التطوعي، إني معجب بها بشدة.. ولم أرَ لها مثيلاً في العالم..''
كلام لم أقله أنا وإلا اتهمت بالمبالغة، قاله إبراهيم حسين.
لذا أطالب بمحاكمة شبابنا السعودي، لأنه سينهب كل مستودعات الذهول والإعجاب فينا.