سنة النشر : 16/01/2010 الصحيفة : الاقتصادية
.. تفخر «جمعية العمل التطوعية بالمنطقة الشرقية» بأن ترتقي بنوعيةٍ تقنيةٍ من الأعمال التطوعية الكبرى، وربما، بما أعلم، قد تكون هذه النوعية هي الأولى من نوعها في المملكة، نوعية العمل التطوعي التقني .. ونتحدث عن تقنيةٍ كبرى لا تقنية صغيرة، أو محدودة الأثر والمدى .. عن نوع من الفتوحات الحاسوبية، عن «الكمبيوتر العملاق».
نسَّـقَ لهذا العمل، ويشرف على الفريق السعودي من علماء هندسة النظم من الجنسين، رجلٌ من أصحاب البادرات، وهو الذي وراء جائزة عدة مشاريع ومؤتمرات دولية ومحلية كما أنه من أكثر من عرفته حِدّةً في الانضباط وصرامة الالتزام، وهو الأستاذ «سعيد الخباز» .. ونشعر بأن جمعيتنا، جمعية العمل التطوعية، والتي بزغت كبيرة بفضل جهود من يعمل بها من الشباب العامل قبل أن تتكون بصفةٍ رسمية، قد سمَقـَتْْ معرفيّا وتكنولوجيا وعلميا ونوعيا مع هذا المشروع الاستثنائي بكل قياس.
دعني أقرب لك معنى أن يكون الكمبيوتر عملاقا .. أو كما قُرّب إلي من قبل المهندس المستشار في المعلومات «محمد الشهري»، ولهذا المهندس هيامٌ بالمشروعات الوطنية الكبرى، ومن أكبر ما يُسْهِدُه مثلا مشروعٌ كبير لتشغيل الأفواج الشبابية العائدة من الابتعاث في الخارج ( وسيُخَصَّص مقالٌ لهذا الموضوع، توظيف الأفواج العائدة من الخارج في وقتٍ قريب) .. على أن السيد «الشهري» انضمّ مع فرقة «الكمبيوتر العملاق». يقول السيد الشهري بأنه سبق أن طرح فكرة الكمبيوتر العملاق، ليس في إعادة أو مبادرة صنع جديدة لحاسوب مركزي فائق القدرة، وإنما في استخدام أجهزةٍ موجودة في شبكةٍ واحدة لشركة واحدة.
طوَّحَ الخيالُ العملي والعملي النافذيْن لدى السيد الشهري في أن يستغل وجود ما يقارب السبعين ألف جهاز حاسوب شخصي في شركة أرامكو، وذلك بعد انتهاء الدوام الرسمي لتُضـَم طاقاتها لأداء عمل مستهدف كبير، وتُستخدم لتكون حزمة لعقل واحد يحسب بآلافٍ مضاعفة، وينفع في قراءة الأرصاد وتغيرات الأنواء وأي رصد توقعي كبير .. مما سيكون مفيداً جداً في الاستعداد لأي تهديدٍ طبيعي، وغيرها من المشاريع التي تتطلب دقةً وسرعةً حاسوبية فوق التصور. يعني كأن تجمع قوة آلاف الرجال في جسدِ ماردٍ واحد. هذه صورة للتقريب، وليست الوصفَ الدقيق للحاسوب العملاق.
توجّه الأستاذ «سعيد الخباز» وفرقته إلى جامعة الملك عبد العزيز في جدة، الذين طلبوا منه ومن فريقه الاجتماع بهم لمعرفة المزيد عن المشروع الطموح- وانظر كيف تم الاتصال: تمّ بعد أن أطلعوا على صفحتهم الخاصة في «الفيس بوك»، ونباهة هذه الجامعة أن تتعاصر مع الإيقاع الإنترنتي- وكان انطباع فريق الجامعة الإعجاب بالعمل، وهم كما أحسُبُ ونقل إلي، في صدد الموافقة الأخيرة لتبني المشروع مع فرقة الكمبيوتر العملاق، الحاسوبُ السعودي الذي سيكون واحداً من أسرع مائة كمبيوتر على الأرض.
عليّ أن أرسل تحيتَي فخرٍ واعتزازٍ كبيرتين لكل من العالمة «لينا الفنتوخ» التي صّممتْ نظامَ أمن المعلومات بالمشروع، والعالِم «محمد الهويدي» لرئاسته لفريق التصميم والتنفيذ، والعالمُ «أمين هلال» لمتابعة التشغيل وملائمة البرامج المشغلة للنظام .. وهم لم يطلقوا على أنفِسهم صفة العلماء، أنا فعلت .. وبفخرٍ!
.. ويتمنى القائمون بالمشروع تسميته مشروع «الملك عبد الله» للكمبيوتر الشبابي العملاق» تيمُناً باهتمام العاهل بالتقدم العملي، وتشجيعه لأبنائه من الشباب السعودي لاقتحام هذا المجال التقني المتطور. ويشرفني أن أرفع الطلبَ لمقام قيادة البلاد العليا هذا المشروع، وهو الحلمُ والأمنية ليس للعقول التي تبنيه فقط بل لنا كأمةٍ تهدف إلى آفاق عليا للمعرفة، مشروع يمكن للفريق الانتهاء من بنائه على مراحل في عامين.
وأقدم شكري لجامعة الملك عبد العزيز ومعالي مديرها، وعميد كلية الهندسة وفريقها من الأكاديميين العلماء الذين أبدوا تحمسا وتشجيعا للمشروع، وإلى اللجنة التعليمية بمجلس الشورى ممثلة في رئيسها الأمير الدكتور خالد بن عبد الله بن مقرن آل سعود، وستكون الجامعة، متى تحقق المشروع معهم، واحدة من عشرين جامعة في العالم تقتني الكمبيوتر العملاق.
يبقى الأهم: في علمي، أن هذا سيكون أول مشروع علمي تقني تطوعي شبابي بالكامل على وجه الأرض!
ألا أبتهلُ شكرا لله بما منّ به علينا من شبابِ هذه الأمة؟!