سنة النشر : 30/05/2018 الصحيفة : اليوم
الموضوع الأول الذي يشغل الأرض الآن لا السياسة ولا الاقتصاد ولا مباحث الفكر والعلم. الذي يغطي المشهد في كل الكوكب هو كرة القدم التي صارت قيصرة الأرض. صحيح هناك عشرات الألعاب الأخرى، إلا أن اللعبة الإمبراطورة غطت تماما على باقي الألعاب.
قبل أقل من نصف قرن كانت ألعاب مثل الركبي أو البولو أو كرة السلة أو كرة المضرب التي ازدهرت بدول الكومنولث أو حتى الملاكمة والمصارعة لها مكانتها وجماهيرها ومكناتها الدعائية. ومع الزحف للقرن الواحد والعشرين والتغير العبقري الذي طرأ على صناعة كرة القدم وظهور لاعبين من طبقة اللاعبين السوبر مثل كاكا وزيدان وبيكهام ورونالدينهو والظاهرة رونالدينو انتعشت اللعبة القيصرة وبدأت تسحب البساط بقوة من تحت الألعاب الأخرى، كما غطى نجومها على نجوم تلك الألعاب بل بدأوا يغطون على أشهر نجوم السينما العالمية..
وكنا نحسب أمريكا حصنًا منيعًا ضد كرة القدم، حتى أنهم لا يعترفون أن هناك كرة قدم إلا كرة القدم الأمريكية. ولأن الأمريكان ولاؤهم الأول هو الكسب، شم رجال الأعمال رائحة أرباح تأتيهم أولا من أمريكا الجنوبية يوم هبط رجل كان يزن ثمنه جواهر واسمه الجوهرة السوداء (بيليه) بنيويورك.
وبدأ يكتب فصلٌ جديدٌ بتاريخ الرياضة بالولايات المتحدة. بعده بسنين وصل دافيد بيكهام البريطاني مع أسرته لكاليفورنيا فغطت وسائل الإعلام تحركاته مع عائلته كأكثر شخصية غطاها الإعلام بتاريخ أمريكا.. وقتها كتب صحفي رياضي باللوس انجلس تايمز: «يا عيال، بريطانيا تستعمرنا من جديد!».
وها أنتم ترون أثر اللعبة وقد غير العالم سلوكيا وأنثربولوجيا وحتى انتماء وطنيا.. فصار لاعب كمحمد صلاح في مدينة ليفربول -على الأقل- ليس فقط محبوبها الأول بل مواطنها الأول.
يقصر المقال ولكن أصل لمرتجاه، وهو أن كرة القدم ستتحكم بمفاصل العالم وسيركب بقطارها العالم والأديب والسياسي والصناعي والتاجر.
وأن وصول منتخبنا لكأس العالم يعطينا الوهج الكبير بالوقت المناسب.. يبقى أن نتعاون كلنا ليبقى الوهج أطول مدة ممكنة في تظاهرة اللعبة الكونية.
والله الموفق.