مقتطفات الجمعة 311
سنة النشر : 10/01/2014
الصحيفة : الاقتصادية
أهلاً بكم في "مقتطفات الجمعة" رقم 311 .
حافز الجمعة: تحمل المسؤولية كاملة من صفات الإنسان المستقل الحر، الذي يحترم نفسه من خلال أدائه مسؤوليته بلا شكوى، فيحترمه الناس.
موضوع الجمعة: السؤال المطروح في مقال الأمس: ما العمل مع وزارة المالية؟ هناك آليتان لا ثالثة لهما في رأيي على الأقل:
الآلية الأولى: أن وزارة المالية تؤمن وتعتقد ممثلة بوزيرها أنها الأمينة على ثروة الأمة، وأن مسؤوليتها هي الحفاظ على هذه الثروة وعدم إهدارها قدر استطاعتها. كما أن الوزارة في مسألة الحفاظ على ثروة الأمة، وهي ثروة الناس جميعا في البلاد، لا بد أن تعظم ثروة الأمة الإنتاجية من خلال المشاريع الكبرى التنموية التي يكون فيها تلقائيا تنمية منهجية للإنسان، اللبنة الأولى في بناء أي أمة. ولذا فإنها تؤمن بأن مسؤوليتها هي التأكد من وضع كل ريال في مكانه. وأن من يأتي ويطلب مبالغ مالية لمشروع من المشاريع من الوزارة، من الطبيعي أنه سيكون متحمسا لمشروعه فيطلب مالا أكثر مما يستحقه الواقع، أو أنه يلجأ للحيلة التقليدية بزيادة المبلغ الذي يريده وهو يعلم أن الوزارة ستخفضه أصلا، فيكون رابحا بتخفيض المبلغ المنفوخ لحدود المبلغ الحقيقي. ولا شك أن هذا ـــ من خلال تحمل الوزارة مسؤوليتها، وخبرتها المتراكمة ـــ تقرأ ما يدور في رؤوس الجهات المطالبة بمبالغ تمويل المشاريع أو التشغيل والإدارة. في هذه الآلية تكون الوزارة لم ترتكب عملا يدعو الآخرين إلى اتهامها بأنهم ضحايا لها لمجرد أنها لم تحقق مطالبهم، فهنا تؤدي دور مسؤوليتها كاملا.
الآلية الثانية: إن الوزارة لا تملك خبرات ولا قدرات التقدير المالي للمشروع لسببين مهمين ومنطقيين، وهما: (أ) أنها لا تملك الخبرة المتخصصة في المشاريع والبرامج المعروضة عليها. (ب) إنها حتى لو كانت تعرف بعض المواضيع، فهي بعيدة عن ظروف الواقع التي هي أقوى من مجرد الخبرة التنظيرية. لذا في كلتا الآليتين تجد المالية ملاذها في التخفيض لأنها لا تثق بما يشرحه لها طالبو الأموال لمشاريعهم ومصاريف تشغيلهم. وهنا أقول أيضا: لا عذر! يجب على المسؤول الوقوف أمام الوزارة وإقناعها بكل ما يمكنه فهذا لبّ مسؤوليته، فلا يقبل أن يرتدي وشاح الضحية، بل إكليل قوة الإنسان الذي يحترم قيمته ومبادئه، ويقول علنا إن الوزارة وقفت ضد برامجنا ويرفعه لأعلى سلطة.
وإن لم يستطع فالشجاع من ينسحب في الوقت المناسب.. ولا يكملُ صائحا بأنه ضحية. لن يقبل الناس أن يقف مسؤول ويقول إن المالية لم تعطني، فالمالية ليست بعبعا. وإن ثبت أنها بعبع، وهو بالنسبة لي أمر لا يصدق، فهو السيلُ العظيم! .. من يرضى أن يربّي في بلاده البعابع؟
والمهم: متى قبلتَ مكانا.. فتحمل حجمَ مسؤوليته كاملا.