مقتطفات الجمعة 306

سنة النشر : 15/11/2013 الصحيفة : الاقتصادية

 
أهلاً بكم في "مقتطفات الجمعة" رقم 306 .
 
حافز الجمعة: المشكلات إن تركتها تتجمع لتكون كعصيّ ذلك العجوز الذي ينصح أولاده، لا تقبل الانشطار. لن تُحل مشكلةٌ إلا بمعرفة أصل أسبابها، ومن أول إطلالاتها؛ لذا تحتاج لشجاعة الاعتراف بأن هناك مشكلة.
 
نجيب 500: كانت فعلا مفاجأة أن يهاتفني الرجل الذي أطلق عليه لقب ''قاطرة أرامكو المعرفية'' ''فؤاد الذرمان'' رئيس برنامج ''إثراء''، البرنامج المعرفي الفكري الطموح الذي قد يكون أكبر مشروع من نوعه في العالم العربي، والذي إن انتهى بمراحله النهائية، وأخذ مساره للهدف الصحيح الذي وضعه القائمون عليه، فأنا أكيد - بعون الله - أن المشهد المعرفي الثقافي سيتغير بهذه البلاد إلى معارج وفتوحاتٍ أعلى من المسار المحدود الحالي. المفاجأة الأولى أنه قال لي سنحتفل بوصول المقتطفات للعدد 500. المفاجأة الثانية، لما دخلت للمسرح العملاق وكانت صورتان كبيرتان لي على جبهتَي الخيمة الكبيرة، والثالثة أنه كان أمامي وأنا على مسرح أمام جمهور معرض إثراء الغفير 500 طفل، وكانت أجمل المفاجآت؛ فمن أروع المناظر وقعاً في القلب منظر الأطفال الذين هم فرحة الحياة.. وتحاورت معهم وأوصيتهم وهم من الخامسة إلى السابعة من أعمارهم، وقلت لهم: ''لن تفهموا ما أقول الآن، ولكن احفظوه حتى تكبروا وتفهموه، وليقل كل واحد وواحدة منكم: بعد عشرين سنة من الآن سيكون بلدي في مقدمة الأمم وسأكون أنا مساهما في تقدمه''. عجبت أنهم حفظوها في الحال، وتقدم طفل في السابعة وقالها حرفا حرفا.. ثم رفع رأسَه الجميل إلي وقال: ''بابا، لن أنسى لن أنسى هذا الكلام'' هنا غشيَت عيني الدموع.
 
 قدم لي، وهي المفاجأة الرابعة، ''فؤاد'' هدية المناسبة، وهي صورة لي كبيرة وفيها كامل المقال 500، ولوحة أخرى تخيلية طابعية بجزء من قطعة النقد 500 وفيها صورتي بحجم مقابل لقطعة النقد، وكلتاهما مكتوب عليها نجيب 500. كل شباب إثراء بنات وأولاد أعطوني أيضا 50 ريالا حرّة بلا إطار واستخدمتها فعلا.. فشكرا يا بنات، شكرا يا أولاد.
 
الإثيوبيون: طغت على سماء البلاد أدخنة مكدومة من جراء الصدام العنيف الذي جرى بين الإثيوبيين في حي منفوحة في الرياض، حيث وعينا على أعداد هائلة تتخذه مقرا للسكنى والعمل، وعرفنا أن كثيرا منهم يختبئون هناك خارج الخطوط الرسمية للعمل والإقامة.. وقامت الدنيا علينا، كما تقوم علينا في كل مرة نتعرض فيها لأي شأن أمني فيه جنسيات أجنبية، وقرأت ما كُتب في الخارج، وددت أن أجد صحيفة إثيوبية وأقرأ ما تكتب.. مشكلاتنا الكبرى تأتي من العمالة غير المنتظمة، مشكلاتنا العظمى تأتي من العمالة التي تدور بلا مسارٍ فتخرّب كل مسار، كي تسترزق وبأي صورة.. مشكلتنا العمالة الأجنبية السائبة التي أحضرت تجارة وتكسبا وهم قد باعوا أو رهنوا ممتلكاتهم بل حتى زوجاتهم وأولادهم، ليأتوا إلى أرض النفط والمال، وعندما لا يجدونه سهلا كما يتخيلون فهم سيبذلون كل حيلة حتى التخلص من النفس في سبيل الاسترزاق تحت ضغط الدين والرهن العظيمين. على من يقع الخطأ، العمالة السائبة التي وُجدت بعشرات الآلاف تهيم في الأسواق والميادين أو تستعيش تحت ظل عمل غير عمل الكفيل الذي أحضرهم؟ علينا أن نواجه أنفسنا بشجاعة هذه المرة ونقول: ''نحن من فرّط في أمن هذا البلد، نحن من لم نقدّر بجدّيةٍ مصير بلدنا وناسنا وأجيالنا.. وأخرجنا طبقة مستوحشة تريد نهما لتأشيراتٍ لا تحتاج إليها كي تتاجر بها لمن يحتاج إليها فعلا ولا يُسمَح له بجلبها، أو يرمَوْن في الأسواق برسوم إجبارية توهب للكفيل.. أنتعجب أن يجرموا؟ العجب كل العجب ألا يجرموا! هذه المرة بعد أن يصفو غبار المعركة الداخلية الكبيرة التي نخوضها لنطهّر عروق هذا البلد.. علينا أن نقف ونمنع أمرين حالا: هذا السم الذي دار مع شراييننا، والأمر الثاني من قام مِنّا وفينا بإحضار هذا السم. ولا نلوم السمَّ رجاءً.. فهذا هو عمله!
 
إصلاح وضع: وعلينا الآن أيضا أن نفكر وبصورة حتمية ونهائية في عنصرين من أصل نخاع الثبات والاستقرار والسكينة والرضا في هذه البلاد وهما: فئة البدون، وفئة من ولد في هذه البلاد ولا يحب غيرها ولا يعرف غيرها ولا مصير له إلا فوق أرضها، ويضيع وينتهي لو نُزع من جذوره التي هي داخل أرضها.. إن هاتين الفئتين في سجن كبير، سجن الضياع في الهوية، سجن انعدام الحركة والتنقل والسفر، وسجن الضغوط النفسية اليومية، وحق العمل والدراسة.. حلم الحق. قد نحرم أنفسَنا من إبداعات عقول يحبون هذه الأرض كما نحبها بل أكثر لأنها الوحيدة التي تؤويهم.. وإلا فلنكن جاهزين لإجابة هذا السؤال: ''عند الضغط الشديد ماذا تعمل السوائل التي تغلي بلا منفس؟!'' قانون طبيعي فيزيائي حتمي! كلكم تعرفون الجواب!