مقتطفات الجمعة 302
سنة النشر : 27/09/2013
الصحيفة : الاقتصادية
أهلاً بكم في "مقتطفات الجمعة" رقم 302 .
حافز الجمعة: يمكنك أن تكون الشخص الذي تريد.. كيفية ظهورك للخارج تأتي من داخلك. إن أردت أن تكون نافعا، فهو من داخلك ولا تعطِ فضلا أكبر لمؤثر خارجي. وإن أردت أن تكون ضارّا، فهو من داخلك ولا يلام أي مؤثر خارجي.
اليوم الوطني: لو أخذت هذا اليوم بمعناه الحرفي، لقلت وماذا عن باقي الأيام؟ هل يُختزل حبنا لوطننا في يوم واحد؟ المفروض أن ما نحبه يبقى أبديا لازما معنا، وهو اعتراضي ذاته على يوم أو عيد الأم أو الأب. أرفضه منطقا لذات السبب، لأن الحب لهما حب متأصل دائم أو يجب أن يكون كذلك. لا بأس أن يكون هناك يوم الصحة، أو الزراعة، أو حتى العمال، لأنه يوم يقف فيه الجميع فترة عن اللهاث اليومي لمراجعة المفاهيم، وربما ندوات ومؤتمرات للبحث.. لكن هذا لا ينطبق على شيءٍ نحبه، أرى منطق يوم الميلاد أو عيد الميلاد هو احتفال يصح أن نسميه لحظيا أو وقتيا، لأنه مربوط بتاريخ واحد يعيد ذكرى شيء حدث مرة واحدة لكل شخص. هذا من جهة، ومن جهة أخرى يوم مخصص لحب الوطن ستجد تفسيراتٍ تقول إنه تعبير عن الحب، أو يوم نسترجع فيه قيمة الوطن، ولكن أيضا لا أظن أن المنطق مقبول هنا، لأن هذا يجب أن يجري على كل الأيام؛ أمحرمٌ عليّ أن أتكلم أو أسترجع مدى أهمية الوطن إلا في يوم واحد محدد مسبقا؟ كل منطق عادي سيقول لك.. كيف؟ ما هذا الكلام؟ طيب إن لم يكن هناك يوم محدد لحب الوطن، فماذا سيكون اليوم الوطني؟ سيكون عبارة عن مجموعة عواطف جياشة من مقاس نبع يخرق الأرض إلى درجة الحمم البركانية الملتهبة. وهذا ما يصير لأن الناس، خصوصا الصغار، الذين غصبا عنهم لا يتحكمون في هرموناتهم الثائرة وفي جوٍّ يخلو من الفهم المنطقي وبرنامج ممتد يدير هذه الهرمونات، فإنهم بالفعل لا يدرون ما يفعلون، صدقوني ليس قصدهم تخريبا، ولكنها استجابة لا بد أن تكون لفورة تلك الهرمونات، ويكون فقط السؤال أين ومتى ستصب؟ ويحدث أحيانا أنها تصب فيما نسميه التخريب، ونسميهم مخربين، ولا تدري في الحقيقة، أو أنك تدري ولا تقول، من جنى على من؟
شخصية الأسبوع: أترك الساحة اليوم للمهندس مصطفى المهدي، وهو من أوائل مهندسي تأسيس مدينة ينبع الصناعية، مدينته التي يحبها، ثم عاد لها بعد السنوات الطوال التي قضاها في العلم في شركة ''أرامكو'' حتى وصل منصبا رفيعا، وهو إذن من اختار شخصيتي الأسبوع، كما ستقرأ مما كتبه إلي: '' ينبع - الكُبْرى - اليوم بوابة مشرقة للحرمين الشريفين بمطارها الجميل والعملي جدا، وملاذ للسائح وموطن للجميع جيلا بعد جيل .. ويقف عملاقا الصناعة ''أرامكو السعودية'' و''سابك'' ومن حولهما العديد من الشركات الحديثة ومبادرات الأعمال الناجحة ليؤسس الجميع سفينة عملاقة تبحر بأحلام الشباب وتتوقد بطموحات المخضرمين رؤية وقيماً راسخة وعلماً واعداً وعملاً متسارعاً. يحصد الوطن الثمرة فقد تفوق الأبناء بعد سنوات من التخطيط والبناء. أضحت ينبع علامة فارقة على خريطة العالم ورفعت اسم السعودية في أولمبياد الرياضيات والعلوم، وأصبحت الكليات الصناعية رافداً للصناعة تمدها بالعقول واﻷفكار والسواعد الفتية. عندما تكون قريبا من رجال ينبع وهم كُثر، تجد فرصة لتستمع لرؤيةٍ وفكرٍ وروح فريق العمل الواحد من محافظ ينبع المهندس ''مساعد السليم'' وتوأمه الدكتور ''علاء نصيف'' رئيس الهيئة الملكية في ينبع فستتأكد أن المستقبل - بإذن الله - واعد''.
إذن المهندس ''مساعد السليم'' يثبت تجليا إداريا مميزا أعجب المهندس المخضرم مصطفى المهدي، وهذه فعلا المهنية الراقية والخدمة العلمية المنظمة التي اشتهر بها المهندس مساعد السليم. وعائلة ''نصيف''، لا عجب أن تنجب مثل الدكتور ''علاء''، وأحسبني من المعجبين بهذه العائلة الكريمة الولادة بالعقول الكبيرة التي أعطت الكثير للبلاد.. وما زالت.
كتاب الأسبوع: أنثربولوجيا وثيولوجيا (من الناحية الإنسانية وعلم الأديان) أنا مهتم بتاريخ الإسلام في إفريقيا، ولم أجد كتبا يمكن أن تشرح لي الموضوع بدقة من هاتين الناحيتين، حتى وقع في يدي بالصدفة عند بائع كتب قديمة في البحرين كتاب أثار كل رغباتي القديمة مضى على نشره نحو نصف قرن. والكتاب عنوانه ''التأثير الإسلامي في إفريقيا'' The influence of Islam upon Africa كتبه المستشرق البريطاني ''جي. سبنسر تريمنجهام''، ويعمد المؤلف إلى الإنجليزية التي سادت في القرن 19 أول ظهور اللغة العميقة والمزخرفة والاعتناء بالأسلوب كمن يحفر عقدا من الجواهر، فالقراءة في الكتاب تجربة مترفة حقا، مع علم تفصيلي دقيق. وقصة اختراق الإسلام لوسط وجنوب إفريقيا رواها بملحمية فيها من الإلياذة إلا أنها نثر، كما وضح بحياد معقول طريقة انتشار الإسلام من خلال نسيج الحياة والتعامل اليومي، وانتقد التبشير لقساوته وضحالة منهجه وتنطعه ضد مسائل الحياة. الحديث عن الكتاب يطول، وملأ في صفحة ذهني فراغات تمنيت أن تُملأ عن كيفية تغلغل الإسلام في الحوض الإفريقي الأوسط وشاطئيه الجنوبيين.
والمهم: تعرف على نفسك جيدا.. قبل أن تتعرف على الآخرين.